فايننشال تايمز: استثمارات شخصية لحكام أبوظبي تثير مخاوف من إقصاء القطاع الخاص
تشهد العاصمة الإماراتية أبوظبي في السنوات الأخيرة تحولاً اقتصادياً ضخماً تقوده مجموعة واحدة أصبحت لاعباً مركزياً في معظم القطاعات الحيوية: الشركة القابضة الدولية (IHC)، التابعة للشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم أبوظبي ومستشار الأمن القومي.
وبحسب تقرير لصحيفة فايننشال تايمز، فإن توسع المجموعة غير المسبوق يثير تساؤلات واسعة حول مستقبل القطاع الخاص واستقلاليته داخل الإمارة الغنية بالنفط.
وأوردت الصحيفة أنه من العقارات والكهرباء والرعاية الصحية إلى اللوحات الإعلانية ومدارس القيادة ومزارع الدواجن، تسيطر IHC على جزء متزايد من المشهد الاقتصادي في أبوظبي.
ويبلغ عدد الشركات التابعة لها ــ وفق الرئيس التنفيذي سيد بصر شعيب ــ نحو 1500 شركة، في مؤشر على توسع ضخم خلال سنوات قليلة فقط.
وتزيد قيمة أصول المجموعة عن 125 مليار دولار، وتسعى إلى مضاعفة هذا الرقم خلال خمس سنوات، رغم أنها قبل سبع سنوات لم تكن سوى كيان صغير يعمل في استزراع الأسماك والعقارات. وتُعد IHC اليوم أحد أهم أركان القوة المالية للإمارة.
تحذيرات من طمس الخطوط بين الملكية العامة والخاصة
يرى خبراء الاقتصاد السياسي الخليجي أن صعود IHC يعكس تداخلاً غير مسبوق بين أصول الدولة والأصول المرتبطة بالعائلة الحاكمة.
ويصف ستيفن هيرتوغ، الأكاديمي في كلية لندن للاقتصاد، وضع أبوظبي بأنه “هجين بين الحداثة المفرطة والملكية الأبوية”، في إشارة إلى تنامي قبضة العائلة الحاكمة على النشاط الاقتصادي.
أما الباحثة كارين يونغ، من معهد الشرق الأوسط، فتشير إلى أن توسع IHC قد يؤدي إلى إزاحة القطاع الخاص عبر السيطرة على قطاعات بأكملها، من الفنادق إلى الصناعات الغذائية.
تقييمات مشكوك فيها وأصول محولة مجاناً
رغم الضخامة المالية لـ IHC، يعرب مصرفيون عن شكوك بشأن تقييمات كثير من شركاتها، خاصة أن العديد منها جاء بتحويلات مجانية من الشركة الأم “رويال جروب”، وهي أيضاً مملوكة للشيخ طحنون.
ولا توجد أي تغطية بحثية مصرفية مستقلة للمجموعة، ولا تصنّفها أي وكالة ائتمانية، ما يعمّق الغموض حول هياكل الملكية والتقييمات.
ويصف الأكاديمي كريستوفر ديفيدسون، الذي يؤلف كتاباً عن المجموعة، نمو IHC بأنه محاولة لتجميع أجزاء متفرقة من ملكيات العائلة الحاكمة في كيان واحد أكثر تماسكاً، لكنه يضيف أن “تركيزها السوقي يثير نفور المستثمرين الأجانب”.
وقد بلغت القيمة السوقية لـ IHC نحو 240 مليار دولار، ما يجعلها أكبر مكوّن في بورصة أبوظبي، إذ تستحوذ على 41.5% من مؤشر فوتسي العام، وهي نسبة ترتفع أكثر بعد احتساب الشركات التابعة المدرجة مثل “ألفا ظبي”.
ولا يتوقف النفوذ عند ذلك؛ فالشيخ طحنون يرأس أيضاً بنك أبوظبي الأول، أكبر مصرف في الإمارات، إضافة إلى صندوقي الثروة السيادية ADQ ومبادلة، ما يجعل IHC عملياً كياناً ذا صلة مباشرة بالدولة.
قطاع خاص يتراجع أمام الدولة
على الرغم من أن أبوظبي تعلن منذ 2008 التزاماً بتعزيز القطاع الخاص، إلا أن الواقع، كما يصفه مديرون تنفيذيون تحدّثوا للفايننشال تايمز، يشير إلى أن الإمارة أصبحت “تكتلاً واحداً ضخماً” تهيمن عليه الشركات المرتبطة بالعائلة الحاكمة.
ويشتكي رجال أعمال من أن قواعد السوق ليست متعادلة، وأن الشركات الخاصة التقليدية في أبوظبي شعرت بالراحة المفرطة لسنوات ولم تدخل في منافسة حقيقية، ما جعل من الصعب عليها اليوم مواجهة كيانات مدعومة بسيولة شبه غير محدودة.
وبينما تسعى أبوظبي لتقليل الاعتماد على النفط عبر الاستثمار في التقنيات الناشئة، خصوصاً الذكاء الاصطناعي، فإن هذا القطاع أيضاً أصبح تحت هيمنة كيانات مرتبطة بالشيخ طحنون، مثل مجموعة G42، التي تتعاون مع شركات عالمية مثل مايكروسوفت.
وتظهر الرعاية الصحية كمثال آخر: مجموعة PureHealth العملاقة مملوكة بشكل رئيسي لـ ADQ وAlpha Dhabi التابعة لـIHC، فيما تمتلك المجموعة حصصاً في مستشفيات رئيسية مثل “برجيل” و”كليفلاند كلينك أبوظبي”.
ويصف مصرفيون حركة الاستحواذات المحلية بأنها “من الجيب الأيسر إلى الجيب الأيمن”، في إشارة إلى تبادل الأصول بين كيانات تسيطر عليها العائلة الحاكمة.
ويرد الرئيس التنفيذي لـIHC بأن الانتقادات غير منصفة، مؤكداً أن 54% من إيرادات المجموعة تأتي من خارج الإمارات، وأن عمليات الاستحواذ المقبلة ستزيد هذه النسبة إلى 65%. ويقول إن IHC لا تتمتع بامتيازات خاصة في المناقصات، وإن “السوق مفتوح للجميع”.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=73205



