العراق يجمّد أصولاً مرتبطة بحزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن
أصدر العراق قراراً بتجميد الأصول المالية العائدة لكل من حزب الله اللبناني وجماعة الحوثيين اليمنية، وفق ما أظهرته نسخة من صحيفة العراقية الرسمية الصادرة عن وزارة العدل العراقية في 18 نوفمبر/تشرين الثاني.
ويمثل هذا التحرك أحد أبرز الإجراءات التي تتخذها الحكومة العراقية ضد جماعات تُعدّ حليفة لأحزاب سياسية وميليشيات موالية لإيران داخل العراق.
وشمل القرار، الذي استند إلى تقرير “سري” صادر عن مكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إدراج المجموعتين ضمن قائمة أفراد وكيانات متهمة بـ“الإرهاب وتمويل المتطرفين”.
وبموجب هذا الإدراج، أعلنت الحكومة تجميد الأصول المنقولة وغير المنقولة والموارد الاقتصادية الخاصة بكل الأسماء والكيانات المدرجة في القائمة، بما فيها حزب الله والحوثيون.
وأشارت النشرة الحكومية إلى أن المجموعتين “شاركتا في هجوم إرهابي”، دون الكشف عن طبيعة تلك الهجمات أو الجهات المستهدفة.
إلا أن التحرك يأتي في سياق تصاعد الضغوط الأميركية على العراق لضبط نشاطات المجموعات الحليفة لإيران ومنعها من استخدام الأراضي أو المؤسسات المالية العراقية لتمويل عملياتها الإقليمية.
وتشير المعطيات السياسية في بغداد إلى أن هذه الخطوة قد تكون استجابة مباشرة لضغوط أميركية متزايدة. فواشنطن كثفت خلال العامين الماضيين حملتها الرامية إلى تجفيف مصادر تمويل حزب الله والحوثيين، وفرضت عقوبات على أشخاص وشركات متهمة بتسهيل المعاملات المالية للجماعتين.
وبالنظر إلى النفوذ السياسي الواسع للفصائل المرتبطة بطهران داخل العراق، فإن قرار بغداد يمثّل خروجاً عن سياسة الحذر التي اتبعتها الحكومات العراقية السابقة.
وترى مصادر سياسية عراقية غير رسمية أن القرار قد يندرج ضمن محاولة من رئيس الوزراء وحكومته لإعادة بناء الثقة مع الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل ملف المفاوضات الأمنية الجارية حول مستقبل القوات الأميركية في العراق.
كما يأتي القرار في وقت تعمل فيه بغداد على تحسين علاقاتها الاقتصادية والمالية مع المؤسسات الدولية، ما يجعلها أكثر حساسية تجاه ملفات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ويمتلك كل من حزب الله والحوثيين روابط عضوية مع فصائل عراقية قوية، أبرزها “الحشد الشعبي” وأحزاب شيعية نافذة. لذلك يُتوقع أن يثير القرار استياءً داخل تلك الدوائر، رغم عدم صدور تعليقات رسمية منها حتى الآن.
فإدراج أسماء حليفة في قائمة الإرهاب العراقية يمثل تحوّلاً في طريقة تعامل الدولة مع الجماعات المرتبطة بالمشروع الإيراني في المنطقة.
كما أن القرار يعكس إدراكاً متصاعداً داخل بغداد بأن التورط في شبكات تمويل عابرة للحدود يُعرّض الاقتصاد العراقي — وقطاعه المصرفي على وجه الخصوص — لمخاطر عقوبات دولية كان لها أثر واضح في السنوات الماضية.
إذ سبق أن فرضت وزارة الخزانة الأميركية قيوداً على مصارف عراقية للاشتباه في ارتباطها بتحويلات مالية إلى إيران أو فصائل مدعومة منها.
وحتى لحظة إعداد التقرير، لم تصدر الحكومة العراقية أي تعليق رسمي حول دوافع القرار أو ما إذا كان يشكل بداية لسلسلة إجراءات أوسع ضد شبكات تمويل الجماعات المسلحة في البلاد.
لكن الطريقة السريعة لإدراج حزب الله والحوثيين — وهما من أبرز حلفاء إيران الإقليميين — توحي بأن بغداد تسعى إلى إرسال رسالة مزدوجة: الأولى للولايات المتحدة حول استعدادها للتعاون في ملفات الأمن المالي، والثانية لطهران حول الحدود القصوى التي يمكن للعراق تحملها في ظل التوازنات الإقليمية الحالية.
ويشكل تجميد الأصول خطوة ذات أبعاد سياسية وأمنية حساسة، قد تؤثر في الخريطة المعقدة للعلاقات بين بغداد وطهران وواشنطن، وتعيد رسم حدود الدور العراقي في ملفات الصراع الإقليمي، خصوصاً في مرحلة يشهد فيها الشرق الأوسط إعادة ترتيب واسعة للتحالفات والنفوذ.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=73202



