الإيكونومست: الحوثيون يهددون باستئناف الهجمات على السعودية وسط أزمة مالية متفاقمة
شهدت السعودية تذكيراً حادّاً بالحرب المستمرة على حدودها الجنوبية في الثالث من نوفمبر، عندما انطلقت صافرات الإنذار خلال وقت الغداء في العاصمة.
ورغم أن السلطات اعتبرت الحدث تمريناً روتينياً، إلا أن التنبيهات جاءت كرسالة واضحة بأن تهديد الحوثيين لم ينته بعد، رغم سنوات من وقف إطلاق النار النسبي بين الطرفين، بحسب ما أبرزت مجلة الإيكونومست البريطانية.
وبدأ الحوثيون، تمردهم في شمال اليمن عام 2014، وسيطروا لاحقاً على صنعاء ومعظم المدن الكبرى. وفي 2015، تدخلت السعودية بقيادة تحالف عربي لمواجهتهم، لكن النزاع استمر وعانى طريقه إلى مستنقع طويل، وما زالت الجماعة تسيطر على غرب اليمن، حيث يعيش ثلاثة أرباع السكان.
وقد استمر وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة على نحو عام دون هجمات على المدن السعودية منذ 2022، لكن اتفاقاً شاملاً لإنهاء الحرب لا يزال بعيد المنال، في ظل تمسّك الحوثيين بمزيد من المطالب كلما قدمت الرياض تنازلات.
وقالت الإيكونومست إن أولويات الحوثيين تغيرت بعد الحرب الإسرائيلية في غزة منذ أكتوبر 2023، حيث شنّوا هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل دعماً للفلسطينيين، ما دفع الخبراء الدبلوماسيين إلى القلق من إمكانية إعادة تركيز الجماعة على السعودية بعد هدنة غزة.
ويشير تصعيد الخطاب الحوثي إلى تزايد التوتر؛ فقد اتهم عبد الملك الحوثي السعودية بالتعاون مع إسرائيل، وحذر الإعلام الحوثي من تجدد الهجمات عبر الحدود في حال استمرار ما وصفوه بـ«الخنق الاقتصادي» لليمن.
ويرجع جزء من هذا التهديد إلى أزمة مالية تواجه الجماعة، نتيجة تدمير الغارات الإسرائيلية لموانئ ومصانع ومؤسسات تجارية، وعقوبات أمريكية حدّت من تدفقات الأموال. وقدر بعض المحللين انخفاض التحويلات المالية إلى مناطق الحوثيين بفعل تشديد الرقابة على التحويلات والإرهاق المالي للمغتربين.
ولا تزال الجماعة تعتمد على مصادر دخل غير مشروعة، من تهريب المخدرات إلى العملات الرقمية، لكن الضغوط المالية حقيقية.
ووفق تقديرات وضاح العولقي، الاقتصادي في مركز صنعاء للدراسات، انخفضت واردات الغذاء والوقود إلى مناطق الحوثيين بنسبة 20% و27% على التوالي حتى أغسطس مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فيما تُدفع رواتب القطاع العام جزئياً أو تتوقف أحياناً.
ويستخدم الحوثيون التهديدات لاستقطاب تمويل سعودي مؤقت مقابل استمرار السلام، لكن هذا الأسلوب قد ينقلب عليهم.
فالتاريخ أظهر أن وقف إطلاق النار في 2022 لم يكن نتيجة تنازل سعودي فحسب، بل أيضاً بسبب ضعف الدعم المحلي والتحالفي، مع خسائر بشرية كبيرة بين المدنيين اليمنيين بسبب القصف والحصار، وتراجع مشاركة الإمارات.
واليوم، تبدو المعادلة مختلفة، مع تحسن العلاقات السعودية-الأمريكية، وتوقيع اتفاق دفاعي بين واشنطن والرياض خلال زيارة ولي العهد محمد بن سلمان للبيت الأبيض في 18 نوفمبر، وتصنيف السعودية كحليف رئيسي من خارج الناتو.
كما تسعى إسرائيل إلى تكثيف الضربات الجوية ضد الحوثيين، ليس فقط لإضعافهم، بل أيضاً لتعزيز علاقاتها مع دول الخليج بعد توترها خلال حرب غزة.
وعلى مدى العامين الماضيين، تراجع الاهتمام الدولي بالحرب اليمنية، إلا أن الحوثيين عززوا قدراتهم، وزادوا التجنيد، بما في ذلك التجنيد الإجباري للأطفال، ما يجعلهم أكثر تشدداً من أي وقت مضى.
ويقول دبلوماسي مطلع: “كان الجميع يظن أنه يمكن إدارة الوضع في اليمن… هذا لن ينجح بعد الآن.”
ومع استمرار الأزمة المالية والضغوط الإقليمية، تشير التهديدات الحوثية إلى احتمال تجدد الهجمات على السعودية، مع استمرار رهانات الجماعة على التوترات الإقليمية والتدخلات الدولية لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=73158



