توقعات بانخفاض حاد في عائدات وأرباح النفط السعودي خلال الربع الثاني من 2025
قالت شركة الراجحي المالية، إحدى أبرز شركات إدارة الأصول والخدمات الاستثمارية في السعودية، إنها تتوقع انخفاضًا ملموسًا في عائدات النفط والأرباح المعدلة لقطاع النفط السعودي خلال الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وسط تحديات مستمرة في أسواق الطاقة العالمية.
وأشارت الشركة في تقرير تحليلي حديث، إلى أن عائدات النفط السعودي ستتراجع بنسبة 16% على أساس سنوي، أي بالمقارنة مع الربع الثاني من عام 2024، كما ستسجل انخفاضًا بنحو 8% مقارنةً بالربع الأول من 2025، ما يعكس تباطؤًا نسبيًا في أداء القطاع، رغم استقرار الأسعار العالمية عند مستويات معتدلة.
أرباح أقل… وتأثر واسع النطاق
وبحسب التقرير، من المتوقع أيضًا أن تنخفض الأرباح المعدّلة بنسبة 17.1% على أساس سنوي، وبنسبة 10.4% على أساس ربع سنوي، لتصل إلى نحو 88.5 مليار ريال سعودي فقط، مقارنةً بأرباح كانت أعلى بكثير في الفترات السابقة، مستفيدة من طفرة أسعار الطاقة عقب أزمات الأسواق العالمية في 2022 و2023.
وقالت الراجحي المالية إن هذا التراجع يعكس جملة من العوامل، أبرزها انخفاض الطلب العالمي، وتباطؤ النمو الاقتصادي في الأسواق الرئيسية المستوردة للنفط مثل الصين والهند، فضلًا عن التزام السعودية باتفاقيات خفض الإنتاج ضمن إطار تحالف “أوبك بلس”.
الالتزام بخفض الإنتاج يضغط على الإيرادات
كانت السعودية قد التزمت خلال النصف الأول من عام 2025 باستمرار خفض إنتاجها النفطي بمقدار مليون برميل يوميًا كإجراء طوعي ضمن استراتيجية الحفاظ على توازن السوق العالمية.
ورغم أن هذا القرار ساهم في إبقاء الأسعار عند مستوى يتراوح بين 76 و82 دولارًا للبرميل، إلا أنه قلّص من حجم العوائد الفعلية التي تحققها المملكة من صادراتها النفطية.
وأوضحت الراجحي المالية في تقريرها أن “تراجع الكميات المصدّرة لعب دورًا مباشرًا في خفض العائدات، بينما لم تعوّض الأسعار الحالية هذا الانخفاض، وهو ما انعكس سلبًا على الأرباح التشغيلية لشركات الطاقة السعودية، وعلى رأسها شركة أرامكو”.
انعكاسات على الميزانية والإنفاق الحكومي
يأتي هذا التراجع في وقت تعمل فيه الحكومة السعودية على تحقيق توازن دقيق بين الحفاظ على مستويات إنفاق عالية لدعم مشاريع رؤية 2030، وبين ضبط العجز المالي وتقليص الاعتماد على عائدات النفط كمصدر رئيسي للدخل.
ويرى محللون أن الانخفاض المتوقع في العائدات والأرباح خلال الربع الثاني قد يدفع الحكومة إلى إعادة تقييم بعض بنود الإنفاق، أو الاعتماد على أدوات تمويلية جديدة مثل إصدار السندات أو تعزيز الاستثمارات السيادية لتغطية الفجوة المحتملة.
نظرة مستقبلية… تفاؤل حذر
رغم التراجع الحالي، توقعت الراجحي المالية أن يتحسن الأداء المالي تدريجيًا في النصف الثاني من 2025، مدعومًا بعوامل موسمية وزيادة الطلب على الوقود خلال الشتاء، بالإضافة إلى تحسّن متوقع في اقتصادات آسيا وأوروبا.
وأشار التقرير إلى أن استمرار التزام أوبك بلس بالإنتاج المنضبط قد يؤدي إلى رفع الأسعار تدريجيًا، ما قد يساهم في تعويض جزء من خسائر العائدات في الأشهر المقبلة.
ومع ذلك، أكدت الشركة أن “التقلبات الجيوسياسية، والسياسات النقدية المتشددة في الغرب، ومخاطر الركود في بعض الأسواق الكبرى، تبقى عوامل رئيسية يجب مراقبتها”، مشيرة إلى أن المرونة المالية التي تتمتع بها السعودية، واستمرار التنوع في مصادر الدخل غير النفطي، يُعدان عنصرين مهمين في امتصاص تأثيرات تقلبات النفط.
أرامكو في دائرة الضوء
يتوقع أن تؤثر هذه الأرقام أيضًا على أداء شركة أرامكو السعودية، عملاق النفط العالمي، والذي من المنتظر أن تعلن نتائجها المالية خلال الأسابيع المقبلة.
وكانت الشركة قد سجلت أرباحًا قوية في السنوات الماضية، إلا أن التراجع في الإنتاج والأسعار قد يؤثر على توزيعات الأرباح، وقيمتها السوقية في البورصات العالمية.
كما قد ينعكس ذلك على شهية المستثمرين الأجانب، الذين يراقبون عن كثب تحولات سوق الطاقة، وخاصة في ظل تزايد التوجه العالمي نحو مصادر الطاقة المتجددة.
وتكشف توقعات الراجحي المالية عن واقع جديد بدأ يتشكل في سوق النفط العالمي، حيث لم تعد الأسعار وحدها هي المتغير الحاسم، بل أصبح للسياسة الإنتاجية، والتغيرات الجيوسياسية، والتباطؤ الاقتصادي، دور مباشر في تحديد عائدات النفط الخليجي.
ومع أن السعودية ما زالت تحتفظ بمرونة مالية وقدرة على التكيف مع هذه المتغيرات، فإن التحدي الأكبر سيكون في المحافظة على استقرار مالي طويل الأمد، مع مواصلة تنفيذ طموحات رؤية 2030 في وقت تتقلب فيه الأسواق وتتغير قواعد اللعبة.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72147



