السعودية توسّع الوصول للكحول عبر متاجر جديدة في جدة والدمام لخدمة غير المسلمين
تتجه السعودية إلى خطوة جديدة في مسار تخفيف القيود الاجتماعية عبر الشروع في إنشاء متاجر لبيع المشروبات الكحولية في مدينتي جدة والدمام، وذلك لخدمة شريحة محددة من غير المسلمين المقيمين في البلاد.
وتشير المعلومات، التي نقلتها وكالة “بلومبيرغ” عن مصادر مطلعة، إلى أن المملكة تتحرك بهدوء نحو توسيع نطاق بيع الكحول، في تطور يعدّ من أبرز التغييرات الاجتماعية التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة.
وبحسب المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها لعدم الإعلان رسميًا عن المشروع بعد، فإن العمل بدأ بالفعل على تجهيز متجرين جديدين، أحدهما في جدة على ساحل البحر الأحمر، والآخر في مدينة الدمام بالمنطقة الشرقية.
وتأتي هذه الخطوة امتدادًا لما بدأته الرياض العام الماضي عندما افتتحت أول متجر من نوعه مخصص لبيع المشروبات الكحولية، وكان في البداية محصورًا بالدبلوماسيين الأجانب فقط.
لكن التغييرات لم تتوقف عند هذا الحد. فوفقًا لموقع “سيمفور”، تم توسيع نطاق المستفيدين من متجر الرياض ليشمل غير المسلمين الحاصلين على تصاريح خاصة ضمن برنامج الإقامة المميزة.
ونقل تقرير “بلومبيرغ” عن مقيم أجنبي حاصل على هذه الإقامة أنه تمكن مؤخرًا من شراء الكحول من المتجر في الرياض، في مؤشر واضح على توسع تدريجي في منح الوصول لهذه الفئة من السكان.
ولم تُصدر الحكومة السعودية تعليقًا رسميًا على هذه التطورات، لكن مراقبين يرون أنها تأتي ضمن جهود المملكة لجعل بيئتها أكثر جاذبية للعيش والعمل بالنسبة للأجانب، خصوصًا في ظل مساعيها لاستقطاب الكفاءات العالمية في إطار رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد.
والسعودية، التي تعد موطنًا لأقدس المواقع الإسلامية، كانت على مدى عقود تفرض حظرًا صارمًا على بيع المشروبات الكحولية، إلا أن السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان دفعت نحو مراجعة العديد من القواعد التقليدية.
فقد شملت هذه الإصلاحات إلغاء الحظر المفروض سابقًا على قيادة المرأة للسيارة، والسماح بإقامة فعاليات ترفيهية عامة، وتشجيع الحفلات الموسيقية، وتخفيف القيود الاجتماعية المتعلقة بالاختلاط.
وفي حين أن متجر الرياض كان في بدايته خطوة رمزية ومقيّدة للغاية، فإن العمل على متاجر جديدة في مدينتين كبيرتين مثل جدة والدمام يُظهر أن المملكة تمضي تدريجيًا نحو توسيع نطاق توفر المشروبات الكحولية في أوساط غير المسلمين المقيمين.
وتشير المصادر إلى أن الحكومة تدرس أيضًا تخفيف القيود المتعلقة بمن يحق له شراء الكحول، ما يعني أن فئات جديدة من المقيمين قد تصبح قادرة على الوصول إليه في المستقبل القريب.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوات تنسجم مع النهج الذي تتبناه السعودية في السنوات الأخيرة، والقائم على تكييف القوانين والأنظمة لجذب المزيد من المستثمرين والمواهب الأجنبية، باعتبار ذلك عنصرًا أساسيًا في تحقيق أهداف رؤية 2030.
فالمملكة تسعى لتقليل اعتمادها على قطاع النفط، وتطوير قطاعات جديدة، بما فيها السياحة والترفيه والخدمات، وهو ما يتطلب بيئة اجتماعية أقل تقييدًا وأكثر توافقًا مع المعايير العالمية التي اعتاد عليها الأجانب.
بالمقابل، تُدرك السعودية حساسية هذه التحولات داخليًا، إذ تُعد مسألة الكحول واحدة من أبرز القضايا المثيرة للجدل اجتماعيًا ودينيًا. ولذلك تعمل الحكومة على إجراء التغييرات تدريجيًا وبهدوء، مع الحرص على حصرها ضمن نطاق محدد لا يمس الأغلبية المسلمة داخل البلاد.
كما أن السماح فقط لغير المسلمين، وبشروط خاصة، بشراء الكحول يهدف إلى الحد من أي ردود فعل داخلية قد تسبب اضطرابات أو اعتراضات واسعة.
ورغم أن المملكة تخفف القيود المتعلقة بالكحول بشكل محسوب، فإن المسار العام لها يدل على أنها تمضي في اتجاه تحديث شامل لمنظومتها الاجتماعية.
وقد تزامنت التغييرات الأخيرة مع تراجع نفوذ الأجهزة الدينية التقليدية التي كانت سابقًا تفرض رقابة صارمة على السلوك الاجتماعي، مما سمح بفتح المجال العام أمام أنماط جديدة من الترفيه والتفاعل الاجتماعي.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=73140



