المال والأعمال

السعودية تعيد مراجعة مشروع “ذا لاين” وسط ضغوط مالية وتراجع الاستثمارات

طلبت المملكة العربية السعودية من شركات استشارية دولية إجراء مراجعة استراتيجية لمشروع “ذا لاين”، المدينة المستقبلية الطموحة التي تُعد إحدى أبرز ركائز رؤية 2030، في خطوة تعكس سعي المملكة لإعادة ضبط أولوياتها في ظل تحديات مالية وضغوط اقتصادية متزايدة.

وكشف عدد من الأشخاص المطلعين على الأمر، في تصريحات لوكالة “بلومبيرغ”، أن وحدة تابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي كلّفت الشركات الاستشارية بدراسة مدى جدوى الخطط الحالية للمشروع، واقتراح أي تعديلات محتملة قد تكون ضرورية للمضي قُدمًا.

ورغم تأكيد المصادر أن الحكومة قد ترى في نهاية المطاف أن المشروع لا يحتاج إلى تعديلات جذرية، فإن أي تغييرات تُقترح ستتطلب موافقة المسؤولين التنفيذيين في الصندوق، قبل إحالتها إلى الجهات الحكومية لاعتمادها.

وقالت شركة نيوم، المسؤولة عن تطوير المشروع، في بيان: “كما هو معتاد في المشاريع الكبرى طويلة الأجل، تُعد المراجعات الاستراتيجية ممارسة شائعة وتحدث عدة مرات خلال مسار أي مشروع تطوير أو برنامج بنية تحتية رئيسي”.

وتباع البيان “لا تزال ذا لاين أولوية استراتيجية، وتركّز نيوم على الحفاظ على الاستمرارية التشغيلية، وتحسين الكفاءة، وتسريع التقدم بما يتماشى مع الرؤية العامة وأهداف المشروع”.

وتأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه السعودية ضغوطًا مالية، نتيجة انخفاض أسعار النفط، وضعف التدفقات الاستثمارية الأجنبية مقارنة بالطموحات المعلنة، إضافة إلى استمرار العجز في الميزانية.

ويبلغ سعر خام برنت حاليًا نحو 71 دولارًا للبرميل، بينما تُقدّر “بلومبيرغ إيكونوميكس” أن المملكة تحتاج إلى سعر يبلغ 96 دولارًا للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها، ويرتفع الرقم إلى 113 دولارًا إذا أُخذت في الاعتبار نفقات صندوق الاستثمارات العامة على مشاريع ولي العهد.

وشهدت شركة نيوم تغييرات إدارية مؤخرًا بتعيين أيمن المُضيفر رئيسًا تنفيذيًا جديدًا، فيما أشار بعض المطلعين إلى أن أحد أهداف المراجعة هو إيجاد سبل جديدة لتسويق المشروع وتحقيق عوائد مالية منه، في محاولة لضمان استدامة المشروع على المدى الطويل.

ولا تقتصر التحديات على “ذا لاين”، إذ يواجه مشروع “سندالة” السياحي الفاخر، وهو مشروع آخر ضمن مخطط نيوم، عقبات في التنفيذ، حيث لا يزال متوقفًا منذ إطلاقه العام الماضي بسبب مشكلات بينها عيوب في التصميم، وفق ما أفاد به بعض الأشخاص المطلعين، فيما امتنعت نيوم عن التعليق على المشروع، ولم يرد صندوق الاستثمارات العامة على طلب للتعليق.

ويُعد مشروع “ذا لاين” من أكثر المشاريع طموحًا في رؤية 2030، إذ خُطط له كمدينة بطول 170 كيلومترًا خالية من السيارات، ويُفترض أن يضم نحو 1.5 مليون نسمة بحلول عام 2030.

غير أن تقارير سابقة لـ”بلومبيرغ” أشارت إلى تقليص حجم المشروع، مع توقعات جديدة بأن يستوعب أقل من 300 ألف نسمة بنهاية العقد الجاري. حتى الآن، يقطن المدينة عدد قليل للغاية من العاملين في المشروع والمناطق المجاورة.

ويرى خبراء الاقتصاد أن إعادة تقييم هذه المشاريع ضرورة ملحة. وقال زياد داود، كبير الاقتصاديين للأسواق الناشئة “أي خطة تضمن إنفاقًا مسؤولًا وقابلية الاستدامة طويلة الأجل لهذه المشاريع العملاقة بعد الفعاليات الكبرى مثل دورة الألعاب الشتوية 2029، وإكسبو 2030، وكأس العالم 2034، هي موضع ترحيب، خصوصًا في ظل تحول السعودية من مقرض صافٍ للعالم إلى مقترض صافٍ”.

ويظل مستقبل ذا لاين مؤشراً حاسماً على قدرة السعودية على تحقيق طموحاتها الكبرى في مرحلة ما بعد النفط وسط تحديات اقتصادية تتطلب مواءمة الإنفاق مع الموارد والإيرادات الفعلية.

الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=71972

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى