المال والأعمال

 الاقتصاد السعودي ينمو 4.5% في 2026 وسط تباطؤ التضخم

تشير تقديرات اقتصادية دولية إلى أن الاقتصاد السعودي يتجه لتحقيق نمو قوي خلال عامي 2025 و2026، مدفوعاً بعودة الزخم إلى النشاط النفطي واستمرار التوسع الملحوظ في القطاعات غير النفطية، وهو ما يعكس قدرة المملكة على الحفاظ على مسار النمو رغم التحديات العالمية وتقلبات أسواق الطاقة.

وبحسب استطلاع أجرته وكالة بلومبيرغ وشمل 21 خبيراً اقتصادياً، من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي بنسبة 4.5% في عام 2025، مع استمرار المعدل ذاته خلال عام 2026.

وتمثل هذه التقديرات تحسّناً لافتاً مقارنة بالاستطلاع السابق، الذي أشارت توقعاته إلى نمو بحدود 4.1% فقط في العامين.

ويرجع جانب من هذا التفاؤل إلى توقعات بارتفاع إنتاج المملكة من النفط خلال العامين المقبلين، بعد فترة من التخفيضات الطوعية التي التزمت بها السعودية ضمن تحالف “أوبك+”. ومن شأن استعادة مستويات إنتاج أعلى أن تعزز الإيرادات النفطية وتوفر دعماً إضافياً للميزانية العامة.

ورغم أن تأثير النفط ما يزال كبيراً في الاقتصاد السعودي، فإن الخبراء يؤكدون أن النمو المتوقع لا يعتمد على النفط وحده، بل يستند أيضاً إلى تحسّن في الأنشطة غير النفطية التي باتت تشكل المحرك الرئيسي لاقتصاد المملكة، في إطار “رؤية 2030”.

قطاعات غير نفطية تواصل توسعها

تشير التقديرات إلى أن قطاعات مثل السياحة، الضيافة، الخدمات، الصناعات المتقدمة، واللوجستيات، ستواصل تسجيل معدلات نمو قوية خلال العامين المقبلين، مدفوعة بمشاريع استراتيجية ضخمة مثل “نيوم”، والبحر الأحمر، ومشاريع البنية التحتية والتوسع العمراني.

كما ساهمت الاستثمارات الحكومية والإنفاق الرأسمالي في تعزيز الأنشطة غير النفطية، الأمر الذي رفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات غير مسبوقة.

ويذهب بعض المحللين إلى أن هذا التحول يعكس انتقال المملكة تدريجياً نحو اقتصاد متنوع ومستدام، أقل اعتماداً على عائدات النفط وأكثر قدرة على مواجهة الصدمات الخارجية.

انسجام بين تقديرات بلومبيرغ وتوقعات الحكومة السعودية

تتقاطع نتائج استطلاع بلومبيرغ مع توقعات وزارة المالية السعودية، التي رجّحت نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.4% في 2025 و4.6% في 2026، مستفيدة من انتعاش الأنشطة غير النفطية وتواصل الاستثمارات في المشاريع الكبرى التي تشكل العمود الفقري لاستراتيجية التحول الاقتصادي.

وتؤكد الوزارة أن التوقعات الإيجابية تعتمد على استمرار تنفيذ مبادرات التحول الاقتصادي، وتقدم الإصلاحات المالية، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في النمو، إضافة إلى تحسن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال السنوات الأخيرة.

في موازاة ذلك، يتوقع أن يستمر التضخم في المملكة عند مستويات معتدلة، وسط إشارات إلى تباطؤه خلال عامي 2025 و2026 مقارنة بمستويات ما بعد جائحة كورونا.

وسيسهم استقرار الأسعار في تعزيز القدرة الشرائية للمواطنين والمقيمين، ودعم بيئة الأعمال، وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي.

ويرى الخبراء أن سياسات المملكة النقدية والمالية الفعّالة، إضافة إلى استقرار سوق العمل وتوسع الإنتاج المحلي، كانت عوامل رئيسية في كبح التضخم، وهو ما يعزز ثقة المستثمرين ويدعم خطط النمو.

أونكتاد: تقديرات أكثر تحفظًا

رغم التفاؤل الواسع، جاءت تقديرات منظمة “مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية” (أونكتاد) أكثر تحفظاً، حيث توقعت نمو الاقتصاد السعودي بنسبة 3.6% في 2025 و3.8% في 2026.

وتعزو المنظمة هذه النظرة الأكثر حذراً إلى المخاطر المرتبطة بتقلب أسعار النفط، وبيئة الاقتصاد العالمي المترقب لمعدلات فائدة مرتفعة، إضافة إلى التحديات الجيوسياسية التي قد تؤثر على حركة التجارة والطاقة في المنطقة.

وفي ضوء مختلف التقديرات، يتضح أن السعودية تتجه لمرحلة نمو قوية ومستقرة، مدعومة بتوازن بين النشاط النفطي والمتوسع غير النفطي، وتراجع الضغوط التضخمية، وتقدم مشاريع التحول الاقتصادي.

وبينما تميل بعض المؤسسات الدولية إلى الحذر، تعكس التوقعات العامة صورة إيجابية لمسار الاقتصاد السعودي، وقدرته على تعزيز مكانته كأكبر اقتصاد في الشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة.

الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=73302

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى