السياسة الدولية

اتفاق إماراتي – سعودي – مصري – أميركي على مبادئ لإنهاء الحرب الأهلية في السودان

بعد أكثر من عامين على اندلاع الحرب الأهلية في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، أعلنت الإمارات والسعودية ومصر والولايات المتحدة عن اتفاقها على مجموعة مبادئ مشتركة تهدف إلى إنهاء النزاع وفتح الطريق أمام عملية انتقالية سياسية.

وتؤكد المبادئ الخمسة، التي تم الكشف عنها هذا الأسبوع، أن الحل العسكري غير ممكن، وتشدد على ضرورة هدنة إنسانية أولية، ووقف الدعم الخارجي للأطراف المتحاربة، وصولًا إلى تشكيل حكومة مدنية انتقالية تستبعد جماعة الإخوان المسلمين.

وقد اندلعت الحرب في أبريل/نيسان 2023 حين انفجر الصراع بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”. سرعان ما تحولت المواجهات إلى حرب واسعة، قسّمت السودان فعليًا إلى مناطق نفوذ متنازعة:
الجيش يسيطر على بورتسودان ومناطق الشمال والوسط والشرق.

قوات الدعم السريع بسطت نفوذها على أجزاء من غرب دارفور، حيث أنشأت إدارتها الخاصة.

الحرب خلفت ملايين النازحين والمشردين، وأدت إلى مجاعة واسعة النطاق، وسط اتهامات متبادلة بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات ضد المدنيين.

المبادئ الخمسة للسلام

الدول الأربع الراعية عرضت خطة من خمس نقاط لإنهاء النزاع:
التأكيد على وحدة السودان وأن الحل العسكري غير قابل للتطبيق.
السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى السكان عبر كل الطرق الممكنة.
هدنة إنسانية أولية لمدة ثلاثة أشهر تتيح إيصال المساعدات العاجلة، على أن تمهد لوقف دائم لإطلاق النار.
عملية انتقالية شاملة وشفافة، تقود إلى تشكيل حكومة مدنية خلال تسعة أشهر، مع استبعاد الجماعات المرتبطة بالإخوان المسلمين.
وقف الدعم العسكري الخارجي لأي من الطرفين باعتباره شرطًا لإنهاء النزاع.

وأكد وزراء خارجية الإمارات والسعودية ومصر والولايات المتحدة أنهم سيضغطون على الطرفين لبدء مفاوضات جدية، مع الالتزام بحماية المدنيين.

البعد السياسي والأيديولوجي

إحدى النقاط الأكثر إثارة للجدل في المبادئ هي النص على إقصاء جماعة الإخوان المسلمين من أي تسوية سياسية. الدول الأربع اعتبرت أن نفوذ هذه الجماعات كان سببًا رئيسيًا في زعزعة الاستقرار داخل السودان والمنطقة.

وحذر محللون من أن استبعاد الإسلاميين قد يعقّد المشهد، إذ يحتفظ بعضهم بروابط مع الجيش السوداني، وقد يسعون إلى عرقلة أي تسوية تهدد مصالحهم.

وقد تزامن الاتفاق على المبادئ مع تحركات أميركية أكثر جدية. فقد أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم محمد فضيل، إلى جانب ميليشيا “لواء البراء بن مالك”، بسبب ارتباطاتهما بإيران وتورطهما في الحرب.

واعتبرت واشنطن أن العقوبات تهدف إلى تقييد نفوذ المتطرفين ومنع طهران من استغلال النزاع لتعزيز حضورها الإقليمي. كما شددت على أن أي عملية سلام ناجحة تتطلب تقليص التدخلات الخارجية التي تؤجج الحرب.

مواقف الأطراف السودانية

حتى الآن، لم يصدر رد رسمي من جانب الجيش أو قوات الدعم السريع على المبادئ المعلنة. لكن تجارب المفاوضات السابقة تشير إلى أن غياب الثقة العميق بين الطرفين قد يشكل العقبة الأكبر أمام تطبيق أي اتفاق.

الجيش، الذي استعاد السيطرة على العاصمة الخرطوم في مارس/آذار الماضي، ما يزال يواجه هجمات متكررة من الطائرات المسيّرة التابعة لقوات الدعم السريع، كان آخرها هذا الأسبوع. هذه الضربات تعيق عودة السكان وتزيد من هشاشة الوضع الأمني.

وكانت الإمارات والسعودية ومصر قد لعبت أدوارًا متباينة في الملف السوداني منذ سقوط حكومة عبد الله حمدوك عقب انقلاب 2021. الجديد الآن هو توحيد جهود هذه الدول مع الولايات المتحدة ضمن إطار مشترك، ما يعكس إدراكًا إقليميًا ودوليًا بأن استمرار الحرب يهدد استقرار المنطقة بأكملها، بما في ذلك أمن البحر الأحمر.

كما أن الدول الأربع سبق أن رعت جولات تفاوض في سويسرا دون أن تفضي إلى نتائج حاسمة، لكن التوافق الحالي قد يمنح العملية السياسية زخمًا جديدًا.

التحديات أمام السلام

رغم وضوح المبادئ، يواجه المسار المقترح عقبات جدية:
غياب الثقة بين الجيش والدعم السريع.
استمرار التدخلات الخارجية، خصوصًا من إيران وأطراف إقليمية أخرى.
الأوضاع الإنسانية الكارثية التي تجعل أي تأخير في الهدنة يزيد من معاناة المدنيين.
التجاذبات الداخلية بشأن استبعاد الإسلاميين، واحتمال سعيهم لإفشال أي تسوية.

وعليه تمثل المبادئ الخمسة التي أعلنتها الإمارات والسعودية ومصر والولايات المتحدة خطوة مهمة نحو كسر الجمود في السودان، لكنها لا تزال إطارًا عامًا يحتاج إلى توافق محلي ودولي أوسع.

ويبقى السؤال الأساسي: هل سيتجاوب الجيش وقوات الدعم السريع مع الضغوط لوقف الحرب، أم أن الصراع سيتواصل ليعمّق الانقسامات والمآسي الإنسانية؟

الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72706

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى