علامات سعودية محلية تتمدد إلى سلاسل وطنية بدعم من إصلاحات “رؤية 2030”
تتجه علامات تجارية سعودية محلية، من المخابز إلى مزارع المانجو، إلى التحول من مبادرات صغيرة نشأت في مدن الأطراف إلى سلاسل وطنية تتوسع داخل المملكة وخارجها، في مؤشر يراه أصحابها دليلاً على أن مسار تنويع الاقتصاد بدأ يفتح قنوات عملية أمام رواد الأعمال.
ويشير رواد الأعمال بحسب ما نشرته صحيفة ” فايننشال تايمز”، إلى نقلة نوعية في سهولة تأسيس الشركات وإنجاز التراخيص، مع توسع منصات الحكومة الإلكترونية والبنية اللوجستية ضمن إطار “رؤية السعودية 2030”.
يقول أيمن الويل، الذي أسس مع إخوته سلسلة مخابز “دوپامين” في الأحساء: “دخلتُ هذا المجال عام 2008، والفرق بين ذلك الوقت واليوم كالليل والنهار”. ويضيف أن التشريعات الحالية “تحمي جميع الأطراف وتمنح الثقة للتوسع”، مع إقراره بأن “التقلبات ستبقى قائمة”.
ويعزز هذا الانطباع ما أعلنه وزير التجارة ماجد القصبي في يوليو/تموز الماضي من أن 90% من تصاريح الحكومة تُمنح “فورًا”، مع إتاحة استخراج الرخص التجارية من المنزل بعد أن كانت تتطلب زيارات متكررة وانتظارًا طويلاً.
كما يسجل قطاع تأسيس الأعمال قفزة في الأرقام؛ إذ ارتفع عدد السجلات التجارية من 1.3 مليون إلى 1.7 مليون خلال العامين الماضيين.
أمثلة صاعدة من خارج المراكز الكبرى
على خلاف النمط التقليدي الذي تنطلق فيه الشركات من الرياض أو جدة، تبرز قصص توسع من مدن أصغر.
فإلى جانب “دوپامين” من الأحساء، يروي عبد الرحمن سهلي، مؤسس مشروع “مانجو جازان”، مساراً بدأه في 2013 عبر متجر إلكتروني لبيع المانجو المحلي مباشرة للعملاء.
ويوضح سهلي أن العقبات اللوجستية والتقنية “كانت ضخمة” قبل سنوات؛ من الشحن إلى أنظمة الدفع، “أما اليوم فالبنية التحتية تغيرت جذريًا، ما سمح بالوصول لأسواق أوسع”.
وتطمح علامات جديدة إلى السير على خطى شركات وُلدت محليًا ونجحت في التصدير الإقليمي مثل تطبيق توصيل الطعام “جاهز” ومنتج التمور الفاخرة “بتيل”، اللذين توسعا خارج المملكة بعد ترسيخ حضورهما محليًا.
دعم مؤسسي… ومخاوف تركّز
ترافق هذا الزخم مع إطلاق “منشآت” عام 2016 لتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومع تعهّد صندوق الاستثمارات العامة بضخ ما لا يقل عن 40 مليار دولار في الاقتصاد المحلي خلال السنوات المقبلة.
غير أن هذا الدور يثير نقاشًا موازيًا حول احتمالات هيمنة الصندوق على قطاعات قد تحتاج دينامية سوق تنافسية أوسع، وما إذا كان ذلك قد يزاحم رأس المال الخاص على المدى المتوسط.
في الوقت نفسه، لا تزال فجوة التمويل قائمة؛ إذ شكّلت قروض المنشآت الصغيرة والمتوسطة 9.4% من إجمالي الإقراض البنكي العام الماضي—أقل قليلًا من الهدف المرحلي البالغ 10%، بينما تستهدف المملكة رفع الحصة إلى 20% بحلول 2030 (مقارنة بنحو 2% في 2016).
ويرى صندوق النقد الدولي، الذي أثنى في تقرير أغسطس/آب على “قوة النشاط غير النفطي”، أن نمو الإقراض لهذا القطاع “راكِد”، داعيًا إلى تحسين الوصول للتمويل لتسريع التحول.
تنافس المدن الكبرى واختبار العلامة
على طريق التوسع إلى الرياض وجدة والدمام، تواجه الشركات الناشئة تحدّي الاصطدام بمنافسين عالميين ومحليين راسخين.
يوضح هادي فقيهي، أستاذ مساعد بكلية الأعمال في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أن العلامات التي تُبنى في البلدات الصغيرة “تحتاج منذ البداية إلى تصميم منتج وصورة تُدرَك على مستوى واحد مع علامات المدن الكبرى؛ وإلا يصبح التحول لاحقًا أصعب بكثير”.
ويقر الويل بحدّة المنافسة مع مجموعات عالمية مثل “ستاربكس” و”تيم هورتنز”، وعلامات محلية صاعدة، لكنه يرى في البدء صغيرًا “ميزة لإبقاء التكاليف تحت السيطرة وتحسين نموذج العمل قبل القفز”.
ويكشف عن خطة لافتتاح أول فرع خارج السعودية في دولة خليجية مجاورة العام المقبل، مع التأكيد أن “المنافسة شرسة، لكن الحفاظ على الجودة أصعب؛ القادرون على التطور هم من يبقون”.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72656



