فلوريدا تصنّف مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية وجماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية
أثار قرار حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، مساء الاثنين، بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) كـ”منظمات إرهابية أجنبية” عاصفة من الانتقادات القانونية والسياسية، في خطوة غير مسبوقة تتحدى التصنيفات الصادرة عن الحكومة الفيدرالية الأميركية التي لا تدرج أيّاً من المجموعتين على قوائم الإرهاب.
وقال ديسانتيس في بيان نشره عبر حسابات الولاية الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي إن القرار يدخل “حيز التنفيذ الفوري”، موجهاً وكالات فلوريدا لاتخاذ “جميع الإجراءات القانونية اللازمة” لعرقلة الأنشطة التي تزعم الولاية أنها “غير قانونية” للمجموعتين، وهو ما يشمل — بحسب البيان — حرمان الأفراد أو المؤسسات التي تقدم “دعماً مادياً” لهما من أي موارد أو امتيازات حكومية.
كما أعلن الحاكم عبر حسابه الشخصي على منصة X أن أعضاء الهيئة التشريعية في فلوريدا “يعملون على صياغة تشريعات لوقف زحف الشريعة”، مشيراً إلى أنه يتوقع إدراج “حماية إضافية لسكان فلوريدا” ضد كير والإخوان المسلمين في التشريعات المقبلة.
سياق سياسي يتوسع إلى ولايات أخرى
تأتي خطوة فلوريدا بعد أسابيع من خطوة مشابهة اتخذها حاكم ولاية تكساس الجمهوري غريغ أبوت، الذي صنّف الشهر الماضي نفس المجموعتين كمنظمات إرهابية أجنبية، ما دفع منظمة “كير” إلى رفع دعوى قضائية ضد ولايته.
وتشير هذه الخطوات المتتابعة إلى تنامٍ في محاولات حكّام جمهوريين على مستوى الولايات لصياغة قوائم إرهاب محلية تتجاوز أو تختلف عن التصنيفات الفيدرالية، وهو ما يثير إشكالات دستورية وقانونية معقدة، خصوصاً أن الحكومة الأميركية لم تصنف جماعة الإخوان المسلمين أو “كير” ضمن قوائم الإرهاب.
واعتبر أمر ديسانتيس التنفيذي أن منظمة كير “تأسست على يد أشخاص مرتبطين بجماعة الإخوان المسلمين”، وربط بين التنظيم وحركة حماس، مشيراً إلى هجمات 7 أكتوبر على إسرائيل.
لكن منظمة كير، وهي أكبر منظمة للدفاع عن الحقوق المدنية للمسلمين في الولايات المتحدة منذ تأسيسها عام 1994، نفت مراراً أي صلة لها بحماس أو الإخوان المسلمين، مؤكدة أنها “تدين بشكل واضح وصريح كافة أعمال الإرهاب، بما في ذلك ما قامت به حماس”.
وفي بيان شديد اللهجة، وصفت كير القرار بأنه “أمر تشهيري وغير دستوري”، واتهمت ديسانتيس بـ”تشويه سمعة المنظمة دون أي أساس” وبأن تحركه يأتي “خدمة للحكومة الإسرائيلية على حساب سكان فلوريدا”.
اتهامات بالتحيز لإسرائيل
أشارت كير إلى أن ديسانتيس عقد سابقاً “أول اجتماع رسمي لمجلس وزراء فلوريدا في إسرائيل”، كما أبرم صفقة سندات مالية مع الحكومة الإسرائيلية، معتبرة أن هذا السجل يعكس “انحيازاً سياسياً” قد يكون وراء القرار الأخير.
ويرى مراقبون أن تصريحات ديسانتيس تأتي في سياق منافسة سياسية بين الجمهوريين على خطاب أكثر تشدداً في قضايا الأمن والهجرة والسياسة الخارجية، خاصةً فيما يتعلق بالشرق الأوسط.
وقد تعهدت منظمة كير بمقاضاة حاكم الولاية وإدارته على القرار، على غرار الدعوى المرفوعة في تكساس، مؤكدة أن الأمر التنفيذي ينتهك حرية التنظيم والتعبير، ويخالف السوابق القانونية التي تمنع الولايات من إصدار قوائم إرهاب مستقلة عن الحكومة الفيدرالية.
ومن المتوقع، وفق خبراء قانونيين، أن يتسبب القرار في معارك قضائية طويلة، قد تصل إلى المحاكم الفيدرالية العليا، نظراً لكونه يمس صلاحيات الأمن القومي التي تُعد اختصاصاً حصرياً للحكومة المركزية.
انعكاسات على الجالية المسلمة
يثير القرار مخاوف واسعة بين الجالية المسلمة في فلوريدا، لاسيما أن كير هي المؤسسة التي تمثلهم في القضايا الحقوقية والدفاع القانوني.
ويحذر ناشطون من أن التصنيف قد يؤدي عملياً إلى تجريم أنشطة اجتماعية أو خيرية أو حقوقية معتادة، وقد يفتح الباب أمام مراقبة أشد للجمعيات الإسلامية.
ومع تصاعد الخلافات السياسية حول دور الإسلام السياسي في الولايات المتحدة، واشتداد الحملات ضد المؤسسات الحقوقية الإسلامية، يضع قرار ديسانتيس ولاية فلوريدا في قلب جدل وطني حول حدود سلطة الولايات، وحول مستقبل الحريات المدنية في سياق استقطاب سياسي متزايد.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=73243



