نواب أمريكيون يطالبون بوقف مبيعات السلاح للإمارات ومحاسبتها بسبب السودان
تصاعدت الضغوط السياسية الدولية على دولة الإمارات العربية المتحدة على خلفية الاتهامات الموجهة لها بدعم ميليشيات قوات الدعم السريع في السودان، بعد سيطرتها على مدينة الفاشر ومشاهد العنف والتهجير الواسع التي صاحبَت ذلك.
وفي تحرك بارز، قدّم أعضاء في الكونغرس ومجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ مشروع قانون يطالب بوقف مبيعات السلاح إلى أبوظبي، مع دعوات واضحة لمحاسبة الدولة كمورّد أسلحة يُسهِم حسب وصفهم في “تغذية الإبادة الجماعية”.
وقد أعادت الصور المروعة التي انتشرت على منصات التواصل لسيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، ولقطات الدمار والقتلى والنازحين، إحياء أصوات الكونغرس ومجالس حقوق الإنسان.
وكتبت النائبة إلهان عمر عبر حسابها على منصة “إكس” أن “السودان يواجه أسوأ أزمة إنسانية في العالم وإبادة جماعية”، مشيرة إلى “عشرات الآلاف من القتلى و12 مليون نازح”، ومشددة على ضرورة محاسبة الجهات التي تزود الميليشيات بالأسلحة والعتاد.
وعلى مستوى مجلس الشيوخ الأمريكي، انتقدت السيناتور جين شاهين من ولاية نيوهامبشير، وأكبر عضو ديمقراطي في لجنة العلاقات الخارجية، دور الإمارات بالقول إن “الإمارات لاعب غير مسؤول ساهم في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية التي نواجهها على هذا الكوكب حاليًا”.
ونقلت وكالة رويترز تصريحاتها التي رأت فيها أن هناك حاجة لإجراءات ملموسة لوقف إمداد المليشيات بالأسلحة والتمويل.
وفي لندن، دعت مونيكا هاردينغ المتحدثة باسم التنمية الدولية لحزب الديمقراطيين الليبراليين البريطاني الحكومة البريطانية إلى “وقف جميع مبيعات الأسلحة للإمارات فورًا”، مؤكدة أنه يجب التأكد بشكل قاطع أن الأسلحة البريطانية “لا تُعاد تصديرها عبر الإمارات إلى قوات الدعم السريع”.
وأضافت هاردينغ أن استمرار التجارة العسكرية مع أبوظبي في هذه الظروف “يعني التعرض للمخاطرة بأن تصبح الأسلحة البريطانية جزءًا من آلة القتل والتهجير في السودان”.
دعوات لخطوات عملية لمعاقبة الإمارات
المطالبة القانونية والسياسية التي يطرحها النواب والسيناتورات تحمل أبعادًا متعددة: أولها الوقف الفوري أو تعليق عقود ومبيعات السلاح إلى الإمارات التي قد تُستخدم أو تُعاد تصديرها إلى أطراف تقوض الأمن الإقليمي.
وثانيها فتح تحقيقات رسمية في سلاسل التوريد والوسطاء ووثائق الصادرات العسكرية التي قد تربط إمدادات محددة بعمليات ارتُكبت في دارفور وغيرها من مناطق النزاع السوداني.
ويأتي هذا التحرك في ظل تقارير وتحقيقات دولية أشارت إلى وجود شبكات لإعادة التصدير وسلاسل لوجستية تربط بين ليبيا وتشاد ومناطق أخرى، تصل إليها أسلحة ومعدات قتالية يُعتقد أنها انتهت في يد قوات الدعم السريع.
وتعكس دعوات برلمانية مثل هذه قلقًا متزايدًا لدى صانعي القرار الغربي حول أخطار بقاء خطوط التوريد العسكرية مفتوحة أمام أطراف متورطة في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
والمقترح القانوني الذي طرحه النواب والسيناتورات يتضمن آليات لمراجعة ومراقبة تراخيص تصدير الأسلحة وإمكانيات فرض عقوبات على شركات أو وسطاء يثبت تورطهم في تحويل السلاح إلى جهات محظورة.
كما يدعو إلى تشديد الشفافية في الصفقات العسكرية وإلزام الشركات بالإبلاغ عن عمليات إعادة التصدير والشركاء النهائيين.
ومع أن مثل هذه المبادرات قد تواجه معارضة في أروقة السياسة الخارجية والعسكرية، فإن توسع قِطع الأدلة الإعلامية والحقوقية عن ممارسات الدعم والتمويل قد يجعل من الصعب تجاهل الضغوط الشعبية والأخلاقية.
كما أن توسيع نطاق المساءلة ليشمل مورّدي السلاح الخارجيين قد يشكل سابقة تؤدي إلى إعادة تقييم سياسات تصدير الأسلحة عبر حلفاء إقليميين.
من ناحية أخرى، تثير هذه المطالبات تساؤلات حول العلاقات الاستراتيجية القائمة بين واشنطن والرياض وأبوظبي، وإمكانية أن تُحدث إجراءات تشديدية مثل تعليق مبيعات السلاح توترًا دبلوماسيًا مع شركاء إقليميين، ما يجعل القرار متشابكًا بين بُعد إنساني وقانوني من جهة، ومصالح استراتيجية وسياسية من جهة أخرى.
في المقابل، تؤكد أصوات حقوقية ودولية أن وقف مبيعات السلاح واتخاذ إجراءات رادعة ضد مزودي العتاد الذين يثبت تورطهم في جرائم إنسانية ليس مجرد مطلب أخلاقي، بل إجراء ضروري لقطع أحد شرايين العنف وتمكين المساءلة الدولية.
وتبقى الخطوة التالية مرتبطة بمدى قدرة مبادرات الكونغرس ومراسلات النواب والسيناتورات على حشد أغلبية سياسية ودعم شعبي ودولي يكفي لترجمة الدعوات إلى قرارات ملموسة على الأرض.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=73067



