القوى الأوروبية تُفعّل آلية إعادة فرض العقوبات النووية على إيران
فعّلت كل من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، آلية إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران، المعروفة بـ”سناب باك”، في خطوة وصفت بأنها غير مسبوقة منذ توقيع الاتفاق النووي عام 2015.
وجاء القرار، بعد مشاورات مكثفة مع الولايات المتحدة، ويعكس تصاعد القلق الغربي من تسارع البرنامج النووي الإيراني ومنع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول إلى مواقع حساسة.
وبموجب هذه الآلية، ستعود ستة قرارات عقوبات سابقة صادرة عن مجلس الأمن إلى التنفيذ، بعدما جُمّدت منذ عام 2018، عقب انسحاب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي.
موقف أوروبي متشدد
صرح وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو على منصة “إكس”: بأن “التصعيد النووي الإيراني لا ينبغي أن يذهب أبعد من ذلك”.
بدورها، أكدت لندن أن العقوبات خطوة ضرورية لمنع إيران من المضي في تخصيب اليورانيوم بمستويات تهدد بتحويله إلى برنامج تسلّح نووي.
وقال مسؤول بريطاني إن “السماح لإيران بالمماطلة أو التملص سيقوض نظام منع الانتشار النووي بأكمله”.
وشدد المسؤولون الأوروبيون على أن المحادثات لا تزال ممكنة خلال مهلة الثلاثين يوماً قبل دخول العقوبات حيز التنفيذ، لكنهم حذروا في الوقت نفسه من أن طهران لم تقدم حتى الآن أي التزامات “جدية وملموسة”.
ردّ إيراني غاضب
وصفت إيران الخطوة الأوروبية بأنها “استفزازية وغير قانونية”، متوعدة بالرد المناسب.
وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي أُبلغ بالقرار عبر مكالمة هاتفية قبل ساعة من الإعلان، إن طهران “سترد ردًّا مناسبًا على هذا الإجراء”، لكنه لمح لاحقاً في رسالة إلى مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس إلى إمكانية العودة إلى “مفاوضات عادلة ومتوازنة” إذا أبدى الغرب حسن النية.
وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية أن الخطوة ستؤدي إلى تراجع مستوى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، معتبرة أن الأوروبيين يتحركون بإيعاز من الولايات المتحدة.
تفاصيل العقوبات العائدة
بموجب “العودة السريعة”، ستُفرض مجدداً العقوبات التي تشمل:
حظر الأسلحة المفروض على إيران.
منع تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجته.
حظر اختبارات الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية ونقل تكنولوجيتها.
تجميد الأصول وحظر السفر على شخصيات وكيانات إيرانية محددة.
منح الدول صلاحية تفتيش الشحنات الإيرانية الجوية والبحرية بحثاً عن مواد محظورة.
هذه الإجراءات ستعيد إيران إلى دائرة العزلة الاقتصادية والدبلوماسية التي عاشتها قبل اتفاق 2015.
مأزق في مجلس الأمن
الخطوة الأوروبية تضع الملف النووي مجدداً أمام مجلس الأمن الدولي، حيث يُفترض أن يُعرض قرار بتمديد رفع العقوبات خلال 30 يوماً.
لكن وبما أن القوى الأوروبية الثلاث أعلنت تفعيل الآلية، فإن القرار سيكون محكوماً عليه بالفشل، نظراً لأن تمريره يحتاج إلى تسعة أصوات وعدم استخدام الفيتو من أي من الأعضاء الدائمين.
روسيا وزعت بالفعل مشروع قرار بديل يقترح تمديد قرار الأمم المتحدة رقم 2231 لمدة ستة أشهر من دون السماح بآلية “سناب باك”، وهو ما اعتبره الأوروبيون محاولة لتعطيل الضغط على طهران.
ورغم اللهجة المتشددة، يقول دبلوماسيون أوروبيون إن السيناريو الأسوأ – أي اندفاع إيران إلى رفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 90% اللازمة لصناعة قنبلة – “ليس الأكثر وضوحاً”، مشيرين إلى أن طهران غالباً ما تعود في النهاية إلى طاولة المفاوضات.
لكن الأوروبيين يطالبون بالكشف الفوري عن 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، تقول تقارير إن إيران لم تفصح عن مكانه. ويُعتقد أن هذه الكمية تمثل تسعة أضعاف الحد الكافي لصناعة سلاح نووي.
وقد أكد مسؤول بريطاني أن مخزون إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب تجاوز 45 ضعفاً الحد المسموح به في الاتفاق، وأن أجهزة الطرد المركزي العاملة حالياً تفوق بعشرة أضعاف السقف المحدد.
وتأتي هذه التطورات قبل أسابيع من انتهاء الاتفاق النووي في 18 أكتوبر، ما يجعل الأشهر المقبلة حاسمة. فإما أن تستجيب إيران لمطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية والأوروبيين وتقبل العودة إلى قيود الاتفاق، أو تواجه عزلة دولية خانقة تعيدها إلى أجواء ما قبل 2015.
في المقابل، تراهن طهران على أن استمرار الصراع في غزة والتوترات مع إسرائيل قد يُخفف الضغط الدولي، بينما يرى الأوروبيون أن إبقاء الملف النووي الإيراني على الطاولة مسألة وجودية لأمنهم وأمن المنطقة.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72550



