السياسة الدولية

فايننشال تايمز: عائلة ترامب جمعت ملايين الدولارات من دول الخليج

سلطت صحيفة فايننشال تايمز الضوء على نجاح عائلة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في جمع ملايين الدولارات من دول الخليج عبر صفقات استثمارية ضخمة وغير مسبوقة.

وأبرزت الصحيفة أنه في مشهد يلخص حرارة اللحظة الخليجية، ظهر دونالد ترامب الابن في ربيع هذا العام مرتاحًا على سجاد فندق والدورف أستوريا في الدوحة، بعد ساعات من منصّة المنتدى الاقتصادي القطري حيث امتدح “عقلانية” الاستثمار في الخليج مقارنةً بأوروبا الغربية.

بحسب الصحيفة لم تكن الزيارة بروتوكولية فحسب؛ فشركة استثماراته 1789 Capital جمعت ملايين الدولارات من المنطقة، فيما تسعى العائلة إلى توسيع شبكة صفقاتها من دبي إلى عُمان والسعودية وقطر.

جولة “هجوم ساحر” وصفقات متدفقة

الدوحة كانت محطة ثالثة لعائلة ترامب خلال أسابيع. سبقها وصول إريك ترامب لتوقيع مشروع جولف يحمل العلامة التجارية في قطر، ثم جاء الرئيس الأمريكي في أول جولة خارجية كاملة لولايته الثانية شملت الرياض وأبوظبي.

وقد جرى ضخ وعود باستثمارات “تريليونية” لشركات أمريكية، بينما ظهر ترامب في وضعية “هجوم ساحر” ممتد، يصافح ويمازح ويطيل اللقاءات، في رسائل ودّ سياسية واقتصادية صريحة.

هذه الحفاوة ليست وليدة اللحظة. فمنذ مطلع الألفية، سعت منظمة ترامب إلى مشاريع فنادق وملاعب جولف في دبي. وخلال العام الماضي أُعلن عن توسعات لافتة: مشروع ملاعب موسعة في عُمان (ربيع 2024)، وخطط لبرج “ترامب” في جدة ومجمع سكني وملعب جولف في الرياض، وبدء مبيعات الشقق في “برج ترامب الدولي” بدبي.

رجال الصفقة: من سجواني إلى الشعار

تعكس قصة الخليج مسيرة ترامب الأشمل: قمم وهُوى. أول محاولة كبيرة كانت مع “نخيل” في 2005 لبناء فندق فخم على “نخلة جميرا” قبل أن تطيح أزمة 2008 بالمشروع.

وأعاد الملياردير حسين سجواني (داماك) إدخال ترامب بقوة عبر نادي “ترامب إنترناشونال جولف كلوب دبي” (2014)، لتتوثق بعدها علاقة شخصية–تجارية لسنوات، رغم تعقيدات “حظر المسلمين” وخطاب حملة 2016.

لاحقًا برز زياد الشعار، الرئيس التنفيذي لـ“دار جلوبال”، كممر رئيسي لصفقات علامة ترامب الجديدة في الخليج. اليوم تمثل مشروعات “ترامب” نحو 18% من محفظة دار جلوبال، مع هيكلة تُجنّب التعامل المباشر مع الحكومات: تتعاقد دار جلوبال على الأرض والتمويل، ثم تبرم منظمة ترامب اتفاقيات ترخيص وإدارة طويلة الأجل لقاء رسوم مباشرة ونسب من المبيعات.

تداخل الأعمال والسياسة

نجح ترامب في تحويل العواصم الخليجية إلى رافعة لملفات أمريكية داخلية وخارجية: من إدارة التصعيد الإسرائيلي–الإيراني وحرب غزة، إلى قنوات حوار أولية مع روسيا بشأن أوكرانيا، بالتوازي مع ترويج استثمارات خليجية داخل الولايات المتحدة.

في المقابل، تثير العلاقات التجارية للعائلة أسئلة حول تضارب المصالح. زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر وصف جولة ترامب بأنها “أقرب لمشروع تجاري شخصي”، رغم احتفاظ حصص الرئيس في صندوق ائتماني خلال الولاية.

ويمتد الجدل إلى صلات المحيطين بالعائلة: صندوق صهره جاريد كوشنر جمع 1.5 مليار دولار من صناديق سيادية قطرية وإماراتية قبل إعادة الانتخاب “تحسّبًا لتضارب محتمل”.

كما أُشير إلى استثمار صندوق إماراتي ملياري دولار في بورصة “باينانس” عبر عملات مستقرة صادرة عن مشروع عائلي للعملات الرقمية؛ نَفَى الصندوق التعليق، فيما تحيط بالصفقة حساسية سياسية ومالية واضحة.

ويقرأ أكاديميون التماهي بين الطرفين باعتباره أعمق من المصالح. يشرح ستيفن هيرتوج (LSE) أن ترامب “يحب البذخ والاهتمام والتعامل مع رجال قرار غير مقيّدين بالمؤسسات”، وهي سمات يجد صداها في أنماط الحكم الخليجية. في المقابل، ترى العائلة في مدن الخليج “أرضًا بكْرًا” لمشروعات عقارية فاخرة وسريعة التنفيذ بعيدًا عن بيروقراطيات الديمقراطيات الغربية.

أرقام وعوائد… ونظرة إلى الأمام

رغم تعثر مشاريع سابقة، تولّد العلامة إيرادات ثابتة من رسوم الترخيص والإدارة. تُظهر إفصاحات حديثة أن دخل منظمة ترامب من دبي بلغ 4.2 مليون دولار العام الماضي (بعد أن كان في حدود مئات الآلاف عامي 2017–2018).

وفي دبي، أُنجز تصريح بناء “برج ترامب” خلال شهر، وتُطرح وحدات فاخرة بأسعار تصل إلى 73 مليون درهم للبنتهاوس، مع وعود بنوادٍ خاصة ومرافق استثنائية.

وحتى مع الانتقادات لسياسات ترامب تجاه إسرائيل، تبدو العلاقة مع العواصم الخليجية في أوجها: مشروع في كل مدينة كبرى تقريبًا، وملعب جولف جديد يلمع في الصحراء.

وبصرف النظر عن المسار السياسي القادم في واشنطن، يبدو أن “بصمة ترامب العقارية” في الخليج مرشحة للترسخ كجزء من معادلة نفوذ متبادلة: رأس مال وخبرة وتسويق من طرف، وسرعة قرار وفضاءات تطوير لا تعرف السكون من الطرف الآخر.

الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72639

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى