لماذا سيواجه خليفة جيروم باول صعوبة في خفض أسعار الفائدة؟
أصبح من الواضح أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يريد من خليفة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول المضي في خفض أسعار الفائدة بوتيرة أسرع وأجرأ.
لكن اجتماع البنك المركزي يوم الأربعاء كشف عن حقيقة جوهرية: رئيس الاحتياطي الفيدرالي، مهما كانت صلاحياته واسعة، لا يحدد أسعار الفائدة بمفرده.
فقد خفّض مجلس الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس بأغلبية 9 أصوات مقابل 3، وهو الخفض الثالث في ثلاثة أشهر.
ورغم ذلك، أشار المجلس بوضوح إلى نيّته التوقف مؤقتاً بعد هذا الخفض، متوقعاً خفضاً واحداً فقط خلال عام 2026. هذا التريث يتعارض مع رغبة ترامب الذي يريد تخفيضات عميقة وسريعة لتعزيز النمو قبل الاستحقاقات السياسية المقبلة.
وقال ترامب تعليقاً على سياسة الفائدة: “أعتقد أن معدلات الفائدة في الولايات المتحدة يجب أن تكون الأدنى في العالم، لأنه بدوننا لا يوجد عالم”، في إشارة إلى قناعته بأن قوة الاقتصاد الأمريكي تبرّر سياسة نقدية فائقة التيسير.
يأتي هذا فيما يستعد الرئيس الأمريكي للإعلان عن مرشحه لخلافة باول خلال الأسابيع المقبلة. وتنتهي ولاية باول في مايو، لكن يمكنه الاستمرار كمحافظ لعامين إضافيين.
ويُعد كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي في البيت الأبيض، الأوفر حظاً لتولي المنصب، بينما أعلن ترامب أنه سيجتمع أيضاً مع كيفن وارش، عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي السابق.
ويرى مراقبون أن ترامب يسعى عبر التعيين الجديد إلى تعزيز سيطرته على البنك المركزي، بعد عامٍ من الهجمات العلنية التي شنّها على باول، ومحاولاته المستمرة لعزل محافظ الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك، وهي القضية التي ستفصل فيها المحكمة العليا العام المقبل.
سلطة الرئيس محدودة
رغم رغبة ترامب في تغيير توجه السياسة النقدية، فإن هيكلية الاحتياطي الفيدرالي تُقيّد سلطة أي رئيس جديد.
فباول لا يقرر الفائدة منفرداً، بل يترأس لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية التي تضم 19 عضواً، 12 منهم فقط يمتلكون حق التصويت: رئيس المجلس، وكبار المحافظين الستة، ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، إضافةً إلى أربعة رؤساء إقليميين يتناوبون سنوياً.
الانقسام داخل اللجنة ظهر بوضوح في قرار الأربعاء. فقد صوّت رئيسا الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو وكانساس سيتي، أوستن غولسبي وجيفري شميد، للإبقاء على الفائدة دون تغيير.
في المقابل، فضّل محافظ البنك ستيفن ميران – الذي عينه ترامب مؤقتاً – خفضاً أكبر بمقدار 50 نقطة أساس، ما يعكس مدى التباين في التقييمات الاقتصادية داخل المجلس.
وأظهر مخطط النقاط – الأداة التي تكشف توقعات الأعضاء – أن ستة من أصل 19 عضواً كانوا يفضلون عدم خفض الفائدة إطلاقاً في هذا الاجتماع، ما يدل على مزاج حذر داخل البنك.
معضلة التضخم والتوظيف تقسم المجلس
يقول آرت هوجان، كبير استراتيجيي الأسواق في شركة “بي رايلي ويلث”: “هنا تكمن المعضلة… الإدارة قد تختار شخصاً ذا توجهات توسعية، لكن القرار بحاجة إلى 12 صوتاً. لا يستطيع الرئيس الجديد أن يفرض مساره بمفرده.”
فالاحتياطي الفيدرالي ملزم بمهمة مزدوجة: السيطرة على التضخم والحفاظ على التوظيف الكامل. ومع ارتفاع المخاطر في الجانبين، يزداد اختلاف المسؤولين حول أيهما يتطلب أولوية أكبر.
ويقرّ باول نفسه بهذه التباينات قائلاً: “هناك أشخاص لديهم آراء قوية. نتناقش ونتوصل إلى قرار. لقد حصل قرار اليوم على دعم 9 من أصل 12، وهو دعم واسع نسبياً، لكنه ليس التوافق المعتاد.”
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=73279



