السياسة الدولية

مجلس الأمن يطالب الحوثيين بالإفراج عن موظفي الأمم المتحدة المعتقلين في اليمن

دخلت أزمة اعتقال موظفي الأمم المتحدة في اليمن مرحلة أكثر خطورة بعد أن أصدر مجلس الأمن الدولي بيانًا قويًا يطالب فيه جماعة الحوثيين بالإفراج الفوري وغير المشروط عن عشرات الموظفين المعتقلين.

ووصف المجلس عمليات الاقتحام التي طالت مكاتب الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بأنها انتهاك صارخ للقانون الدولي، محذرًا من أن هذه الإجراءات ستفاقم الأزمة الإنسانية المتدهورة أصلًا في البلاد.

ومنذ 31 أغسطس/آب 2025، اعتقلت قوات تابعة لجماعة الحوثيين، المدعومة من إيران، ما لا يقل عن 21 موظفًا تابعًا للأمم المتحدة، بينهم عاملون في برنامج الأغذية العالمي وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف). كما اقتحم المسلحون مقرات المنظمة الدولية في صنعاء ومدن أخرى، واستولوا على ممتلكات تابعة للأمم المتحدة.

وكشف المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن 44 موظفًا وطنيًا من موظفي الأمم المتحدة ما زالوا رهن الاحتجاز لدى الحوثيين، إضافة إلى عدد غير محدد من العاملين في منظمات غير حكومية محلية ودولية ومنظمات مجتمع مدني وبعثات دبلوماسية.

وأوضح دوجاريك أن نائب ممثل اليونيسف في اليمن، وهو موظف دولي، كان قد اعتُقل أيضًا بين 1 و11 سبتمبر قبل أن يُطلق سراحه لاحقًا.

إدانة دولية واسعة

أدان أعضاء مجلس الأمن الـ15 بشدة هذه التطورات، مؤكدين أن “جميع التهديدات الموجهة للعاملين في المجال الإنساني غير مقبولة”. وشدد البيان على ضرورة احترام سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وحرمة مقراتها في جميع الأوقات.

ودعا المجلس الحوثيين إلى الكف عن المضايقات وضمان بيئة عمل آمنة للعاملين في المجال الإنساني، بما يتيح إيصال المساعدات دون عوائق إلى ملايين اليمنيين الذين يعتمدون عليها في ظل واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وجاءت موجة الاعتقالات الأخيرة بعد أيام من مقتل رئيس وزراء الحوثيين، أحمد الرهاوي، وعدد من وزرائه في غارة إسرائيلية على صنعاء، ما دفع الجماعة إلى تصعيد خطابها ضد الأمم المتحدة واتهامها بالتواطؤ مع خصومها. وفي خطوة تحدٍّ، تعهد رئيس الوزراء المؤقت للحوثيين بمواصلة “القتال ضد إسرائيل” بعد الهجوم.

منذ عام 2014، يخوض الحوثيون صراعًا مسلحًا ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا والمدعومة من تحالف تقوده السعودية.

ورغم محاولات سابقة لرعاية محادثات سلام، فإن الحرب في غزة التي اندلعت بعد هجوم حماس في أكتوبر/تشرين الأول 2023 عمّقت الانقسامات، وأدت إلى انهيار أي أفق للحوار السياسي في اليمن.

أبعاد إقليمية ودولية

إلى جانب الحرب الداخلية، انخرط الحوثيون منذ أواخر 2023 في هجمات على سفن شحن تجارية في البحر الأحمر، معلنين أنها تأتي تضامنًا مع الفلسطينيين. هذه الهجمات دفعت الولايات المتحدة وإسرائيل إلى شن ضربات جوية انتقامية في اليمن، ما جعل الساحة اليمنية جزءًا من صراع إقليمي أوسع.

هذا السياق يجعل اعتقال موظفي الأمم المتحدة ليس مجرد قضية إنسانية، بل ورقة ضغط سياسية وأمنية في مواجهة الضغوط الدولية والإقليمية. ويرى مراقبون أن الحوثيين يسعون من خلال هذه الخطوات إلى تحسين موقعهم التفاوضي أو إظهار قدرتهم على تحدي المجتمع الدولي.

وكانت الأمم المتحدة حذرت مرارًا من أن تعطيل عملياتها الإنسانية في اليمن ستكون له عواقب كارثية. فالملايين يعتمدون على المساعدات الغذائية والصحية التي تقدمها المنظمات الدولية لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

وأدت عمليات الاعتقال السابقة التي نفذها الحوثيون العام الماضي بالفعل إلى تعليق بعض الأنشطة الإنسانية، وهو ما زاد من معاناة السكان.

والآن، مع توسع نطاق الاعتقالات واستهداف موظفي الأمم المتحدة مباشرة، تزداد المخاوف من انهيار شبكة الإغاثة الدولية في مناطق سيطرة الجماعة.

وشدد دوجاريك على أن “الأمم المتحدة لن تتخلى عن موظفيها”، مؤكداً أن المنظمة تواصل اتصالاتها المكثفة مع قادة الحوثيين ومع أطراف إقليمية مؤثرة للضغط باتجاه الإفراج عن المحتجزين. لكنه أقر بأن الوضع “غير مسبوق” ويعكس تصعيدًا خطيرًا في تعامل الحوثيين مع المجتمع الدولي.

الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72700

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى