السياسة الدولية

مأساة في جبال مرة: انتشال 270 جثة من تحت أنقاض انهيار أرضي في السودان

في واحدة من أفظع الكوارث الطبيعية التي شهدها السودان، انتشل رجال الإنقاذ 270 جثة من تحت أنقاض انهيار أرضي مدمر ضرب قرية ترسين الجبلية النائية في منطقة جبال مرة بإقليم دارفور، بعد أسبوع من أمطار غزيرة أغرقت المنطقة.

وبحسب ما أعلنته حركة/جيش تحرير السودان، وهي الجماعة المتمردة التي تسيطر على المنطقة، فقد وصل عدد القتلى إلى ما يقارب الألف شخص، فيما لم يُعثر سوى على ناجٍ واحد وسط الدمار الهائل.

وقال مجيب الزبير، رئيس السلطة المدنية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحركة، إن معظم الجثث دُفنت محليًا، إلى جانب أعداد كبيرة من الماشية التي طمرها الطين الكثيف. وأضاف: “حتى الآن، تم انتشال حوالي 270 جثة ودفنها… لكن مئات الأشخاص ما زالوا محاصرين تحت الأنقاض”.

صعوبة الوصول وجهود إنقاذ محدودة

وقع الانهيار في منطقة جبلية وعرة ونائية، وهو ما جعل وصول فرق الإنقاذ بالغ الصعوبة. وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن حجم الكارثة لم يتضح بعد بشكل كامل، مرجحًا أن يتراوح عدد الضحايا بين 300 و1000 شخص.

وقال لوكا ريندا، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان: “الوضع معقد للغاية… الطرق شبه مقطوعة، والطقس القاسي يزيد من صعوبة وصول المساعدات”.

وحتى الآن، لم تصل أي منظمة إنسانية دولية إلى المنطقة المنكوبة، فيما يعتمد السكان على جهود محلية محدودة ينظمها الأهالي وعناصر حركة تحرير السودان.

منطقة منكوبة وصراع طويل

تُعد جبال مرة واحدة من أبرز المواقع الطبيعية في السودان، حيث تُصنَّف ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، وتضم قممًا بركانية يصل ارتفاعها إلى نحو 3000 متر. لكن المنطقة التي كانت ملاذًا طبيعيًا تحولت الآن إلى مسرح لكارثة إنسانية.

يُذكر أن مئات الآلاف من السودانيين فروا إلى جبال مرة خلال العامين الماضيين، هربًا من المعارك الطاحنة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. الحرب التي اندلعت في 2023 أودت بحياة عشرات الآلاف، وشردت أكثر من 13 مليون شخص، وأدخلت نصف سكان السودان تقريبًا في براثن الجوع.

ورغم أن حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد النور التزمت الحياد إلى حد كبير في الصراع، فإن مناطق سيطرتها مثل ترسين تعاني من العزلة، ما جعل وصول المساعدات الدولية إليها شبه مستحيل.

فيضانات متكررة وكوارث سابقة

جاء الانهيار الأرضي في ذروة موسم الفيضانات في السودان الممتد من يوليو إلى أكتوبر. وقد شهدت مناطق أخرى في الأسابيع الأخيرة أضرارًا جسيمة، منها قرية صوفيا في جنوب دارفور، حيث دُمر نحو 100 منزل.

وفي عام 2018، تعرضت جبال مرة لانهيار أرضي أصغر أدى إلى مقتل 19 شخصًا وإصابة العشرات، لكن حجم الكارثة الحالية يفوق كل ما سبق.

وقال أرجيمند حسين، مدير الاستجابة الإقليمية في منظمة بلان إنترناشونال، إن منظمته، إلى جانب الأمم المتحدة، تخطط لإرسال فرق إغاثة إلى ترسين، إلا أن الأمطار الغزيرة وانزلاقات التربة جعلت الطرق غير قابلة للاستخدام.

وفي روما، تطرق البابا ليون الرابع عشر إلى المأساة خلال خطابه الأسبوعي، قائلاً إنها تركت “وراءها الألم واليأس”، داعيًا المجتمع الدولي إلى “عدم التخلي عن السودان في محنته”.

الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72628

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى