المال والأعمال

السعودية تفتح سوق الأسهم أمام سكان الخليج لتعزيز الاستثمار الأجنبي

أعلنت هيئة السوق المالية السعودية السماح للمقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي بالاستثمار مباشرة في سوق الأسهم الرئيسي بالمملكة، في تحول كبير من شأنه توسيع قاعدة المستثمرين الأجانب وجذب المزيد من رؤوس الأموال إلى أكبر بورصة في العالم العربي.

وقالت هيئة السوق المالية في بيان رسمي إن التعديلات المعتمدة تسمح أيضًا للأجانب الأفراد الذين كانوا يقيمون سابقًا في السعودية أو في دول الخليج الأخرى بمواصلة الاستثمار في الأسهم المدرجة في سوق “تداول” حتى بعد انتهاء إقامتهم.

وكتب محمد القويز، رئيس مجلس إدارة هيئة السوق المالية، في منشور على منصة “X” (تويتر سابقًا): “تعزز هذه الخطوة انفتاح السوق الدولي، وتبني في الوقت نفسه علاقة استثمارية طويلة الأمد مع شرائح أوسع من المستثمرين حول العالم، ضمن بيئة تنظيمية أكثر مرونة وجاذبية”.

من السوق الموازية إلى السوق الرئيسية

في السابق، كان يُسمح للمقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي بالاستثمار في أدوات مالية محددة في السوق السعودي، مثل سوق الدين، والسوق الموازية “نمو”، وصناديق الاستثمار، وسوق المشتقات.

أما التداول في السوق الرئيسية فكان مقتصرًا على آليات معقدة مثل اتفاقيات المبادلة، حيث يجري الاستثمار نيابة عن المستثمرين من خلال مؤسسات سوق رأس المال أو بصفتهم عملاء لتلك المؤسسات، مما كان يحد من قدرة الأفراد على اتخاذ قرارات استثمارية مباشرة.

وأوضح بيان هيئة السوق المالية أن اللوائح الجديدة تزيل هذه الحواجز وتتيح للمستثمرين الخليجيين الدخول المباشر إلى السوق، ما يعزز الشفافية والسيولة ويمنحهم حرية أكبر في إدارة محافظهم الاستثمارية.

دعم رؤية 2030

تأتي هذه الخطوة ضمن إطار رؤية السعودية 2030، وهي الخطة الطموحة التي أُطلقت عام 2016 بهدف تنويع اقتصاد المملكة بعيدًا عن الاعتماد على النفط، ودعم نمو القطاع الخاص، وجذب الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى تعزيز مشاركة النساء في سوق العمل وتقليل معدلات البطالة بين المواطنين.

وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف، أصدرت المملكة في السنوات الأخيرة عدة قوانين وتشريعات جديدة، مثل قانون الشركات وقانون المعاملات المدنية، لتوفير بيئة قانونية وتنظيمية أكثر جاذبية للمستثمرين الدوليين.

كما قامت السعودية مؤخرًا بخطوات إضافية على صعيد الانفتاح الاقتصادي، أبرزها تحديث القواعد للسماح للأجانب بشراء العقارات في مناطق محددة في الرياض وجدة، مع وجود متطلبات خاصة لملكية العقارات في مكة المكرمة والمدينة المنورة.

أسواق مالية تنافسية في المنطقة

تأتي هذه التغييرات بينما تشهد أسواق دول الخليج حالة من النشاط المتزايد، سواء في التداول اليومي أو في الطروحات الأولية.

وفي سياق متصل، أعلنت بورصة الكويت يوم الأحد أنها ستبدأ إدراج وتداول صناديق المؤشرات المتداولة والصكوك والسندات في السوق الكويتية خلال عام 2025، وفقًا لما نقلته وكالة رويترز عن محمد سعود العصيمي، الرئيس التنفيذي لبورصة الكويت.

وشهدت الأسواق المالية في السعودية والمنطقة الخليجية انتعاشًا كبيرًا في الاكتتابات العامة الأولية خلال الأعوام الماضية، مدفوعة بطلب متزايد من المستثمرين.

فقد قادت المملكة العام الماضي أسواق المنطقة في حجم الطروحات، حيث سجلت 15 إدراجًا في السوق الرئيسية “تداول” و27 طرحًا للأسهم في سوق نمو، جمعت من خلالها أكثر من 4.3 مليار دولار، بحسب تقرير حديث صادر عن شركة برايس ووترهاوس كوبرز (PwC).

كما حافظت أسواق الإمارات وسلطنة عمان والبحرين والكويت على زخم قوي في الاكتتابات العامة الأولية العام الماضي، في مؤشر على تزايد ثقة المستثمرين الإقليميين والدوليين في اقتصادات دول الخليج.

أثر متوقع على السوق

يرى خبراء أسواق المال أن فتح الباب أمام مستثمري الخليج لدخول سوق تداول بشكل مباشر سيؤدي إلى زيادة السيولة وتعزيز عمق السوق، إضافة إلى إتاحة الفرصة لجذب رؤوس أموال جديدة تسهم في تمويل خطط النمو والتوسع للشركات المدرجة.

وتعليقًا على الخطوة، قال أحد المحللين الماليين في الرياض لـ الاقتصادية: “هذه الخطوة ستضع السوق السعودية في موقع أكثر تنافسية، وتجعلها وجهة رئيسية لرؤوس الأموال الخليجية الباحثة عن فرص استثمارية طويلة الأمد، خاصة في ظل الإصلاحات الهيكلية التي تشهدها المملكة.”

في المجمل، تعكس هذه التعديلات حرص المملكة العربية السعودية على تحويل سوقها المالية إلى منصة إقليمية ودولية جاذبة للاستثمار، في وقت تسعى فيه دول الخليج عمومًا إلى تنويع اقتصاداتها والحد من الاعتماد على عائدات النفط.

الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=71966

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى