المال والأعمال

 قطر تؤسس شركة وطنية للذكاء الاصطناعي لتعزيز حضورها في سباق التقنية العالمي

أعلنت دولة قطر عن تأسيس شركة وطنية جديدة لتطوير واستثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي، لتنضم رسميًا إلى دول الخليج الكبرى التي ضخت خلال الأعوام الماضية مليارات الدولارات في هذا القطاع سريع النمو.

وستعمل الشركة الجديدة، التي تحمل اسم Qai، ل ككيان تابع لجهاز قطر للاستثمار، صندوق الثروة السيادي البالغ حجمه نحو 524 مليار دولار، وفق بيان حكومي رسمي.

ومن المقرر أن تركز الشركة على الاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي داخل البلاد وخارجها، وتوفير قدرات حوسبة عالية الأداء، إلى جانب حزمة متكاملة من الأدوات الرقمية الداعمة—من دون الكشف حتى الآن عن طبيعة هذه الأدوات أو حجم التمويل المخصص لإطلاق الشركة وتشغيلها.

سباق خليجي متسارع على الذكاء الاصطناعي

تعكس الخطوة القطرية الجديدة إدراكًا متزايدًا في الخليج بأن الذكاء الاصطناعي سيكون حجر الأساس للاقتصاد العالمي خلال العقد المقبل.

فالدول الغنية بالطاقة تعمل منذ سنوات على تنويع اقتصاداتها بعيدًا عن النفط، وقد اتجه جزء كبير من استثماراتها الحديثة نحو الشركات التقنية والبنية التحتية الرقمية اللازمة لثورة الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك المراكز السحابية الضخمة والرقائق المتقدمة والطاقة اللازمة لتشغيلها.

الإمارات والسعودية كانتا الأكثر اندفاعًا في هذا المسار؛ إذ أسستا صناديق استثمارية بمليارات الدولارات لدعم شركات ناشئة في المجال التقني، وظهرت كيانات وطنية ضخمة مثل G42 في أبوظبي وHumain في الرياض.

أما قطر فاتبعت نهجًا تدريجيًا وأكثر هدوءًا، لكنها عادت بقوة العام الماضي عبر استثمارات نوعية، أبرزها مشاركتها في جولة التمويل العملاقة بقيمة 13 مليار دولار لشركة Anthropic الأميركية في سبتمبر، ما دفع صندوقها السيادي إلى التوسع أكثر في قطاع الذكاء الاصطناعي.

من يقود Qai؟

سيتولى عبد الله المسند، المسؤول في مكتب رئيس الوزراء وعضو مجلس إدارة سابق في “دوحة فنتشر كابيتال”، رئاسة الشركة الوطنية الجديدة.

وفي مقابلة له، أوضح المسند أن هدف الشركة هو بناء أنظمة ذكاء اصطناعي موثوقة وشفافة، قائلًا: “نحن بحاجة إلى تمكين الأفراد والشركات من الحصول على الأدوات اللازمة لنشر الذكاء الاصطناعي والشعور بالثقة في ما يقوم به.”

ورغم الصعود الهائل لتقنيات المحادثة مثل ChatGPT، لم تُظهر معظم الدول خارج الولايات المتحدة والصين قدرة على تطوير نماذج لغوية عملاقة تنافس النماذج الرائدة عالميًا، ما أثار قلقًا لدى الحكومات بشأن الاعتماد الكبير على شركات أجنبية في مجال حساس كهذا.

وأوضح المسند أن Qai لن تتجه إلى تطوير نماذج لغوية مشابهة لـ Gemini من “غوغل” أو نماذج OpenAI، بل ستركز على تقييم وتسويق هذه النماذج واستخدامها، إلى جانب الاستثمار في تقنيات مستقبلية متقدمة، مثل العملاء المستقلين (Autonomous Agents)—وهي أنظمة قادرة على تنفيذ مهام معقدة من تلقاء نفسها دون تدخل بشري مباشر.

وقال المسند: “نفكر لعام أو عامين أو ثلاثة إلى الأمام… وهذا هو المكان الذي تأتي منه القيمة الحقيقية للذكاء الاصطناعي.”

الشرق الأوسط مركز جذب لشركات التكنولوجيا العالمية

تحوّل الشرق الأوسط إلى وجهة مفضلة لشركات التقنية العملاقة التي تبحث عن مصادر تمويل ضخمة، وطاقة منخفضة التكلفة، ومساحات لإنشاء مراكز بيانات تُعد ضرورية لتشغيل خدمات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.

وقد دخلت شركات مثل Microsoft وOpenAI بقوة في المنطقة خلال العامين الماضيين.

وفي نوفمبر، وافقت الولايات المتحدة على بيع عشرات آلاف الرقائق المتقدمة لشركتي G42 الإماراتية وHumain السعودية، رغم وجود مخاوف سياسية مرتبطة بإمكانية انتقال التكنولوجيا الحساسة إلى الصين.

أما قطر، فما تزال بحاجة للحصول على تراخيص لاستيراد أحدث أشباه الموصلات من الشركات الأميركية المتخصصة، وعلى رأسها Nvidia وAMD.

وبهذه الخطوة، تدخل قطر رسميًا مضمار المنافسة الخليجية على صناعة الذكاء الاصطناعي، ليس فقط عبر الاستثمار في الشركات العالمية، بل أيضًا من خلال بناء بنية تحتية وطنية متقدمة، وتأسيس كيان قادر على توجيه الاستثمارات وتطوير التقنيات محليًا.

ورغم أن قطر لا تسعى حاليًا لتطوير نموذج لغوي عملاق خاص بها، إلا أنها تراهن على المستقبل عبر الاستثمار في التقنيات التي ستقود الجيل التالي من الذكاء الاصطناعي—وهو رهان قد يمنحها موقعًا مؤثرًا في السوق العالمي خلال السنوات المقبلة.

الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=73252

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى