بوادر “فائض” عالمي في النفط: شحنات شرق أوسطية تبقى بلا مشترٍ وأسعار مربان تفقد زخمها
تومض مؤشرات مبكرة على تشكّل فائض عالمي في سوق النفط، مع بقاء جزءٍ ملموس من الشحنات الشرق أوسطية المقررة للتحميل في نوفمبر/تشرين الثاني بلا مشترٍ حتى إقفال دورة التداول الفورية الأخيرة.
وتشير تقديرات متعاملين إلى أن أحجام الخام غير المباعة تتراوح بين 6 و12 مليون برميل—ومن بينها شحنات معروضة من الإمارات وقطر—مع غياب دلائل حتى الآن على اجتذابها عبر خصومات كبيرة عادةً ما تستهدف المشترين الحسّاسين للسعر في الصين والهند.
وتتم مفاوضات الشحنات الفورية للتحميل في نوفمبر خلال شهر سبتمبر، بينما انتقل السوق فعليًا إلى التعامل مع شحنات ديسمبر.
ويوحى بقاء كميات مهمة بلا تصريف خلال دورة نوفمبر بأن شهية آسيا—خصوصًا الصين—أضعف من التوقعات، بما في ذلك احتمال تباطؤ وتيرة التخزين الاستراتيجي لديها، بحسب المتعاملين.
ويتقاطع هذا الضعف مع إصرار تحالف أوبك+ على المضي في إعادة ضخ الإمدادات المعطّلة بوتيرة أسرع من المخطط، ما أضاف طبقة ضغط على التوازن الهش بين العرض والطلب.
هيكل السوق ينقلب: مربان يفقد الحالة الصعودية
في مقياس مبكر لاتجاهات الأساسيات، تراجعت فروقات الأسعار الآجلة لخام مربان—الخامة القياسية لأبوظبي—من حالة التراجع السعري (Backwardation) إلى اتساع في حالة الكونتانغو خلال الجلسات الأخيرة، وهو نمطٌ هابط عادةً ما يعكس وفرةً نسبية في المعروض وضعفًا في الطلب القريب الأجل.
كما انكمشت علاوات شحنات ديسمبر مقابل مؤشرات خامات الشرق الأوسط هذا الأسبوع، ما يضيق هامش تسويق الشحنات المتبقية من نوفمبر.
لماذا يهم ذلك الآن؟
تخصيصات السعودية لشهر نوفمبر: الصورة النهائية لتوازن السوق لن تتضح قبل صدور تخصيصات “أرامكو” لعملاء العقود طويلة الأجل في أوائل أكتوبر، إذ تُعد الأسعار الرسمية واتجاه الكميات عنصرَيْ حسمٍ لمصافي آسيا في سلوك الشراء خلال الأسابيع المقبلة.
قرارات أوبك+: بعد موجة زيادات مفاجئة في سبتمبر وأكتوبر، تبحث أوبك+ تسريع إعادة الإمدادات المتوقفة على دفعات شهرية إضافية، ما قد يعمّق إشارات الفائض إذا لم يتجاوب الطلب. مسوح الإنتاج الحديثة تُظهر بالفعل ارتفاعًا في إمدادات أوبك خلال سبتمبر بقيادة السعودية والإمارات.
أسعار وفروقات الشرق الأوسط: تراجعات سريعة في علاوات خامات عمان/دبي ومربان خلال الأيام الماضية، ثم ارتداد محدود لاحقًا، تعكس حساسية المنطقة لأي تغيّر في التدفقات الروسية إلى آسيا، ولأي زيادة خليجية إضافية.
الصين والهند… صانعَا السعر الحرجان
التقليد في مثل هذه الحالات أن تُعرض خصومات أكبر لامتصاص الفائض لدى المشترين الأكثر حساسية للسعر—خاصة في الصين والهند.
غير أن صمت السوق حتى الآن تجاه الشحنات غير المباعة يوحي بأن العروض الحالية غير جذابة بما يكفي، أو أن المصافي الكبرى تنتظر إشارات تسعير رسمية وتخصيصات نوفمبر من كبار المنتجين قبل الالتزام بكميات إضافية. وفي الحالتين، يظل الخطر قائمًا بأن يُرحّل جزء من براميل نوفمبر إلى ديسمبر، فيضغط على الفروقات الآجلة أكثر.
ماذا يعني لمُصدّري الخليج؟
ضغطٌ على الفروقات والعلاوات: كل نقطة تتسع فيها الكونتانغو تُقلّص عائدات البيع الفوري وتُجبر البائعين على تحسين الشروط (سعرًا أو وجهة أو فترات سماح). هذا ظاهر بالفعل في تحركات مربان والأدلة السعرية لخامات الشرق الأوسط.
مفاضلة بين السعر والحصة: رغبة بعض أعضاء أوبك+—لا سيما السعودية—في تسريع استعادة الحصة السوقية تُهدد بإدامة إشارات الفائض إذا لم يتسارع الطلب الآسيوي. عندها ستظهر معضلة: إما الدفاع عن الأسعار عبر كبح الإمدادات، أو الدفاع عن الحصة عبر قبول فروقات أضعف.
الطلب على بعض المنتجات النفطية (مثل زيت الوقود لأغراض الشحن والطاقة) صمد بل وتجاوز التوقعات في 2025، بدعم اضطرابات البحر الأحمر وتحوّل الطرق البحرية. لكن هذا التحسن لا يعادل أثر وفرة خامات الشرق الأوسط على هيكل الأسعار الخام، ما يترك إشارات الفائض قائمة في سوق النفط الخام نفسه.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72852



