السياسة الدولية

بلومبيرغ: الهجوم الإسرائيلي على قطر يعيد مسألة الضمانات الأمنية الأمريكية إلى الواجهة

أعاد الهجوم الإسرائيلي على الدوحة، الذي استهدف مقر اجتماع لوفد من حركة “حماس”، النقاش حول مصداقية الضمانات الأمنية الأمريكية لدول الخليج بحسب ما أبرزت وكالة بلومبيرغ الدولية.

فبينما أثار القصف غضبًا واسعًا وأدى إلى إدانة علنية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أبرز أيضًا هشاشة التوازن الذي تحاول واشنطن الحفاظ عليه بين دعم إسرائيل وحماية شركائها الخليجيين.

وقد أقرّ ترامب بأن بلاده لم تستطع إبلاغ قطر بالهجوم في الوقت المناسب، إذ وصل التحذير الأمريكي بينما كانت الصواريخ تتساقط بالفعل. هذا القصور كشف ضعف قدرة واشنطن على حماية حلفائها في الخليج، رغم استضافة قطر أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط.

وصف ترامب العملية بأنها “غير مرضية على الإطلاق”، متعهدًا للدوحة بعدم تكرارها، لكنه لم يوضح ما إذا كانت واشنطن ستتخذ إجراءات لردع إسرائيل أو ضمان أمن الدول الحليفة.

مخاوف خليجية وتصريحات لافتة

أثار الهجوم أسئلة عميقة في العواصم الخليجية. دان شابيرو، السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، اعتبر أن “دول الخليج ستطالب بضمانات إضافية من الولايات المتحدة لمنع تكرار مثل هذه العمليات”، محذرًا من أن غياب هذه الضمانات قد يدفع بعض الدول لإعادة النظر في شراكتها الدفاعية مع واشنطن.

من جهتها الدوحة، عبرت عن استيائها على لسان المتحدث باسم خارجيتها ماجد الأنصاري، مؤكدة أنها علمت بالهجوم من واشنطن أثناء تنفيذه، وهو ما اعتبرته انتهاكًا خطيرًا للسيادة القطرية والقانون الدولي.

ووفق تقارير إعلامية، شملت الغارة محاولة اغتيال ثلاثة من أبرز قادة “حماس”: خالد مشعل، وخليل الحية، وزاهر جبارين. ورغم إعلان الحركة نجاة قادتها المستهدفين، فقد أكدت أن خمسة من عناصرها قُتلوا في القصف.

هذا التطور مثّل ضربة مباشرة للوساطة القطرية في ملف غزة، إذ تحولت الدوحة من وسيط محايد إلى ساحة مستهدفة بالصراع، الأمر الذي يضعف قدرتها على لعب دور مركزي في المفاوضات المستقبلية.

مواقف متباينة في المنطقة والعالم

الهجوم فجّر موجة إدانة من العواصم الأوروبية والعربية. فرنسا وبريطانيا شددتا على ضرورة وقف فوري لإطلاق النار ومنع توسع الحرب إقليميًا، فيما حذرت الإمارات من “عواقب بالغة الخطورة” على أمن المنطقة. السعودية وصفت العملية بأنها “عمل إجرامي”، في تعبير بدا أقوى من بياناتها السابقة بشأن الحرب في غزة.

لكن هذا الموقف، على شدته اللفظية، لم يبدد شكوكًا قائمة بشأن طبيعة العلاقة السعودية–الإسرائيلية، خاصة مع تقارير تحدثت عن احتمال مرور الطائرات الإسرائيلية عبر أجواء عربية في طريقها إلى قطر.

ورغم الانتقادات، اعتبر نتنياهو العملية “مستقلة بالكامل”، وقال إنها قد تفتح الباب لإنهاء الحرب إذا قبلت “حماس” المبادئ التي طرحها ترامب للتسوية. إلا أن حماس ردّت بوضوح بأن الهجوم لن يغيّر شروطها في المفاوضات.

بالنسبة للمحللين، أظهر الهجوم أن إسرائيل باتت أكثر جرأة في تحدي حلفائها، مدفوعة بشعور أن الولايات المتحدة لن تفرض عليها قيودًا جدية، حتى عندما يتعلق الأمر باستهداف أراضي دول حليفة لواشنطن.

الضمانات الأمنية تحت المجهر

لطالما اعتمدت دول الخليج على المظلة الأمنية الأمريكية، لكن الغارة على الدوحة أظهرت حدود هذه الحماية. فإذا كانت قطر، التي تحتضن قاعدة العديد وتستثمر مليارات الدولارات في الاقتصاد الأمريكي، عاجزة عن منع هجوم على أراضيها، فما الضمان لبقية دول الخليج؟

هذا التساؤل يعيد إلى الأذهان النقاش حول “التحالف الدفاعي الإقليمي” الذي لم يتحقق رغم الوعود الأمريكية المتكررة. كما يطرح احتمال بحث دول الخليج عن بدائل، سواء عبر تعزيز قدراتها الذاتية أو تنويع شراكاتها الدولية مع قوى كروسيا والصين.

وقد أدت أخبار الهجوم إلى ارتفاع أسعار النفط بنسبة 2.3%، وسط مخاوف من انزلاق المنطقة إلى صراع أوسع يهدد إمدادات الطاقة. وفي المقابل، يرى محللون أن استمرار الضربات الإسرائيلية من دون رادع أمريكي قد يضعف ثقة المستثمرين في مشاريع خليجية ضخمة، خصوصًا إذا ارتبطت صورها – كما حدث مع مشروع “ذا لاين” السعودي – بمشاهد الغارات العسكرية.

الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72679

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى