بحث ممول من الإمارات يحقق اختراقاً طبياً في مجال “الرئة المصغّرة”
أعلن أطباء في مستشفى جريت أورموند ستريت للأطفال في لندن، بالتعاون مع جامعة لندن، عن تقدم طبي كبير في علاج حالة نادرة تُعرف بـ”الفتق الحجابي الخلقي” (CDH)، وذلك من خلال ابتكار تقني يجمع بين جزيئات الماس متناهية الصغر وتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. البحث تم في مركز زايد لأبحاث الأمراض النادرة لدى الأطفال، الممول إماراتيًا، والذي يُعدّ من أبرز المراكز الأوروبية المتخصصة في هذا المجال.
وتقوم التقنية على توصيل هرمون النمو مباشرة إلى رئة الجنين المصاب داخل الرحم باستخدام جزيئات الماس الأصغر من شعرة الإنسان.
ويأمل الباحثون أن يساهم هذا النهج في تحسين فرص النجاة بشكل كبير للأطفال المصابين بهذه الحالة النادرة التي تصيب واحدًا من بين كل 3000 مولود.
كيف تعمل التقنية الجديدة؟
الفتق الحجابي الخلقي يمنع نمو الرئتين بشكل طبيعي، إذ يفشل الحجاب الحاجز – العضلة الفاصلة بين البطن والصدر – في الاكتمال، مما يسمح بانتقال أعضاء البطن إلى الصدر وضغط الرئتين غير المكتملتين. النتيجة غالبًا مميتة: أقل من 25% من الأطفال المصابين بالحالات الشديدة يعيشون بعد الولادة إذا لم يتم التدخل طبيًا.
حتى اليوم، كان العلاج الأساسي يعتمد على جراحة معقدة أثناء الحمل، حيث يزرع الأطباء بالونًا في القصبة الهوائية للجنين لتحفيز نمو الرئتين، ما يرفع نسبة النجاة إلى نحو 50%. غير أن النظام الجديد المبني على “الرئة المصغرة” يقدم أفقًا أفضل، إذ يتيح اختبار الأدوية مباشرة على أنسجة رئوية بشرية مزروعة في المختبر، تحاكي تمامًا وضع الجنين المصاب.
قصص إنسانية ودلالات طبية
قصة أميليا تيرنر، الطفلة التي وُلدت بفتق حجابي خلقي وخضعت لجراحة منقذة للحياة بعد أيام من ولادتها، تعكس حجم الأمل في هذه التطورات. تقول والدتها جورجيا (26 عامًا): “لم أكن قد سمعت بهذا المرض من قبل. التشخيص كان صادمًا. لكن رؤية هذه الأبحاث تعطيني الأمل بأن أطفالاً مثل أميليا سيحظون بفرص أفضل، وبعلاجات أقل خطورة وتدخلاً.”
وأوضح العلماء أن عامل نمو بطانة الأوعية الدموية، وهو هرمون طبيعي ضروري لتطور الرئة، يكون بمستويات منخفضة جدًا لدى الأجنة المصابين بـCDH. ومن هنا جاءت فكرة تعزيز هذا العامل مباشرة داخل الرحم، باستخدام ناقل دقيق يعتمد على جزيئات الماس.
وقال جان ديبريست، جراح الأجنة في جامعة لندن وجامعة لوفين الكاثوليكية، إن الدراسة حققت إنجازين مهمين: تعزيز فعالية الجراحة قبل الولادة باستخدام العلاج الجديد، والقدرة على محاكاة المرض بدقة في المختبر عبر “الرئة المصغّرة”، مما يسمح باختبار الأدوية قبل تجربتها على الأجنة.
مركز زايد، الذي يحمل اسم الأب المؤسس لدولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وبدعم من الشيخة فاطمة “أم الإمارات”، يقود هذا النوع من الأبحاث منذ ست سنوات، ويُعد الأكبر من نوعه في أوروبا. المركز لا يكتفي بالبحوث، بل يستقبل سنويًا أكثر من 17 ألف موعد في جناح العيادات الخارجية، ويتيح للمرضى والزوار مشاهدة العلماء أثناء عملهم داخل مختبراته الزجاجية الممتدة تحت سطح الأرض.
آفاق مستقبلية
يفتح هذا الابتكار الباب أمام مرحلة جديدة من العلاجات الجنينية الأقل تدخلاً والأكثر أمانًا، ويعزز موقع الإمارات كشريك أساسي في دعم الأبحاث الطبية المتقدمة عالميًا. وإذا أثبتت التجارب السريرية نجاحها، فقد تصبح تقنية “الرئة المصغرة” أداة ثورية لعلاج أمراض الرئة الجنينية، وتحويل قصص المعاناة مثل قصة أميليا إلى قصص أمل ونجاة.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72523



