المال والأعمال

بلومبيرغ: صندوق الاستثمارات السعودي يعتزم بيع أصوله القديمة بالكامل والتحول نحو الأسواق الخاصة

كشفت وكالة بلومبيرغ أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي يخطط لتصفية جميع أصوله القديمة، والتي تُقدر قيمتها بحوالي 1.2 مليار دولار، في إطار استراتيجية جديدة تهدف إلى التركيز على الأسواق الخاصة وزيادة العوائد الاستثمارية.

وبحسب الوكالة فإن هذه الخطوة اللافتة تعكس اتجاهًا غير تقليدي من أحد أبرز الصناديق السيادية في الشرق الأوسط، والذي يُعرف عادة بالحذر والاعتماد على أدوات آمنة في بناء محافظه. إلا أن الصندوق السعودي، بدعم من القيادة الاقتصادية للمملكة، يتجه الآن إلى إعادة تشكيل محفظته بالكامل وفق نهج أكثر ديناميكية وطموحًا.

إعادة هيكلة جذرية لرفع العوائد
وفقًا للتقرير، فإن خطة التخارج من الأصول القديمة جاءت بعد مراجعة داخلية شاملة، تضمنت تحليلاً لفعالية العوائد ومستوى المخاطر. وتهدف هذه الخطوة إلى الانتقال من استثمارات تقليدية ذات عائد منخفض – مثل القروض قصيرة الأجل والسندات الحكومية – إلى أدوات ذات طابع أكثر نموًا وربحية.

ونقل التقرير عن عبدالله بخريبه، المدير التنفيذي الذي يقود هذا التحول داخل الصندوق، أن المؤسسة بصدد “الخروج الكامل من جميع الأصول الموجودة حاليًا في المحفظة”، مضيفًا أن الهدف هو تحقيق عوائد تصل إلى 9 في المئة، مقارنة بمتوسط بلغ نحو 5 في المئة خلال السنوات الأخيرة.

التركيز الجديد: الرعاية الصحية والتعليم والتقنية
بحسب بلومبيرغ، فإن الاستراتيجية الجديدة تركّز على قطاعات مستقبلية حيوية تشمل الرعاية الصحية، التعليم، الصناعات التحويلية، مع مراقبة خاصة لفرص النمو في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة.

ومن المتوقع توجيه نحو 40 في المئة من المحفظة الجديدة إلى الأسواق العامة، فيما يُخصّص جزء مهم للاستثمار الجريء والشراكات مع شركات ناشئة. ويخطط الصندوق لإبرام عشرات الصفقات في الأسواق المحلية والإقليمية والدولية خلال الأشهر المقبلة، بالشراكة مع مديري أصول عالميين.

نموذج جديد في البيئة الخليجية
تتماشى هذه الخطوة مع الاتجاه الأوسع الذي تشهده صناديق الثروة السيادية في الخليج، حيث تسعى الحكومات إلى تنويع مصادر الدخل الوطني بعيدًا عن النفط، عبر ضخ استثمارات نوعية في قطاعات اقتصادية واعدة.

وقد سبقت أبوظبي بخطوات مماثلة، حيث تدير ثلاثة صناديق ضخمة توسّعت مؤخرًا في مجالات التمويل والتكنولوجيا. كما وسّع صندوق الاستثمارات العامة السعودي خلال الأعوام الماضية نشاطه في مجالات متعددة تشمل الرياضة، الألعاب الإلكترونية، السياحة، الطاقة النظيفة، والبنية التحتية.

صندوق سيادي برؤية استثنائية
يُعد صندوق الاستثمارات العامة أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، بأصول تتجاوز 700 مليار دولار. ويشكّل الذراع الاستثماري الأهم لرؤية السعودية 2030، ويقوده حاليًا محافظ الصندوق ياسر الرميان، بتوجيه مباشر من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وقد أصبح الصندوق لاعبًا محوريًا على الساحة العالمية من خلال صفقات كبرى شملت شراء حصص في شركات مثل لوسيد موتورز وأوبر ونيوكاسل يونايتد، إلى جانب تمويل مشروعات عملاقة داخل السعودية مثل نيوم، ذا لاين، وقطاعات الطاقة المتجددة والتقنية.

تركيز على الربحية والتأثير
بحسب عبدالله بخريبه، فإن الأولوية القصوى في المرحلة المقبلة هي تعظيم العائد على الاستثمار، مضيفًا: “نحن نتحول إلى مستثمرين مدفوعين تجاريًا… العوائد هي أولويتنا القصوى”.

وقد أكد أن الصندوق يسعى إلى إبرام 20 صفقة جديدة على الأقل هذا العام، بالتعاون مع صناديق إقليمية أخرى، بما فيها الكيانات الاستثمارية الكبرى في الكويت وأبوظبي، التي تصل أصولها إلى تريليونات الدولارات.

وعليه يمثل إعلان صندوق الاستثمارات العامة السعودي عن تصفية أصوله القديمة خطوة جريئة ونقطة تحوّل في مساره، وتأكيدًا على رغبته في لعب دور أكثر فاعلية وربحية في الأسواق العالمية. وفي ظل طموحات رؤية 2030، فإن هذا التحول لا يُعد مجرد إعادة هيكلة مالية، بل هو تحوّل استراتيجي يعكس رؤية المملكة لدورها الاقتصادي المستقبلي، محليًا ودوليًا.

الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72211

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى