السعودية تجذب 9.3 مليار دولار استثمارات أجنبية في النصف الأول من 2025: التكنولوجيا والعقار في الصدارة
حققت المملكة العربية السعودية قفزة جديدة في مسارها نحو تنويع الاقتصاد ضمن رؤية 2030، إذ استقطبت استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 9.34 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2025، بحسب تقرير حديث لبنك الإمارات دبي الوطني نشرته مجلة Forbes الشرق الأوسط. والرقم المذكور يعكس نموًا بنسبة 30.1% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، ما يؤكد أن بيئة الأعمال في المملكة أصبحت أكثر جاذبية للمستثمرين العالميين، خصوصًا في القطاعات التقنية والعقارية والصناعية.
وقد تصدّرت الرياض قائمة المدن الأكثر جذبًا للاستثمارات، بحصولها على 100 مشروع بقيمة 2.3 مليار دولار، ما يعكس مكانتها المتنامية كمركز إقليمي للأعمال. تلتها الدمام بـ 21 مشروعًا بلغت قيمتها 1.28 مليار دولار، ثم جدة بـ 13 مشروعًا بإجمالي 1.22 مليار دولار.
وعلى صعيد الدول، حافظت الولايات المتحدة على موقعها كأكبر مصدر للاستثمار الأجنبي الأخضر في المملكة، عبر 61 مشروعًا بقيمة 2.7 مليار دولار، أي ما يمثل 30% من إجمالي عدد المشاريع و29% من قيمة الاستثمارات.
أما مصر، فجاءت في المرتبة الثانية بمساهمتها بـ 1.81 مليار دولار من خلال 11 مشروعًا، تركزت في القطاع العقاري الضخم. كما برزت الصين وفرنسا باستثمارات بلغت 858.3 مليون دولار و771.7 مليون دولار على التوالي، بينما سجلت الإمارات حضورًا بـ 25 مشروعًا بقيمة 205.3 مليون دولار.
القطاعات الأكثر جذبًا
من حيث عدد المشاريع، تصدر قطاع خدمات الأعمال القائمة بـ 55 مشروعًا (27%)، وشمل خدمات بيئية واستشارات وتطوير بنية تحتية للمياه. يليه قطاع البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات بـ 35 مشروعًا (17%)، في ظل تسارع التحول الرقمي الذي تقوده السعودية.
كما استقطب قطاعا النقل والتخزين والمعدات الصناعية 14 مشروعًا لكل منهما، فيما سجل القطاع المالي 11 مشروعًا، ما يعكس صعود المملكة كمركز مالي إقليمي.
لكن من حيث قيمة رأس المال، فقد تصدر قطاع الاتصالات القائمة باستثمارات بلغت 1.92 مليار دولار (21% من الإجمالي)، تلاه القطاع العقاري بـ 1.79 مليار دولار من تسعة مشاريع فقط، ما يبرز الزخم الكبير للمشاريع العقارية الضخمة.
وشملت الاستثمارات أيضًا:
مكونات الإلكترونيات: 879.3 مليون دولار
النقل والتخزين: 779 مليون دولار
الكيماويات: 765.4 مليون دولار
الصناعة في المقدمة
عند تصنيف الاستثمارات حسب النشاط الاقتصادي، احتلت الصناعة المرتبة الأولى، إذ جذبت 3.5 مليار دولار عبر 26 مشروعًا (38% من إجمالي الاستثمارات)، وتركزت في الكيماويات والإلكترونيات والمواد المتقدمة.
وجاء قطاع البناء في المرتبة الثانية بـ 1.95 مليار دولار من خمسة مشاريع رئيسية، يليه قطاع البنية التحتية للاتصالات والإنترنت الذي استقطب 1.85 مليار دولار من خمسة مشاريع.
25 مقرًا إقليميًا جديدًا
كشفت البيانات أيضًا عن افتتاح 25 مقرًا إقليميًا جديدًا لشركات عالمية في المملكة خلال النصف الأول من 2025، وهو ما يعزز مكانة الرياض كمركز إقليمي للشركات متعددة الجنسيات في الشرق الأوسط، ويدعم أهداف الحكومة في جعل المملكة بوابة للأعمال الإقليمية.
مشاريع بارزة تدعم الرؤية
تضمن التقرير مجموعة من المشاريع الكبرى التي تعكس موقع السعودية كوجهة استثمارية متنامية:
Equinix (الولايات المتحدة): التزمت بضخ مليار دولار لبناء مركز بيانات مستقل بسعة 100 ميغاواط، أعلن عنه في مؤتمر LEAP 2025 لدعم طموحات السعودية في أن تصبح مركزًا للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
تحالف عقاري مصري بقيادة باراغون و”العتال”: استثمر أكثر من 1.7 مليار دولار في مشاريع متعددة الاستخدامات بالرياض وجدة، من بينها مجمعات ذكية للمكاتب والتجارة بقيمة 582.2 مليون دولار لكل منها.
Lantania (إسبانيا) وL&T (الهند): عقد بقيمة 500 مليون دولار لبناء محطة تحلية مياه “رأس محيسن”، لخدمة مليون نسمة في مكة والباحة.
Pico Play (هونغ كونغ): استثمرت 456.1 مليون دولار لإنشاء مصنع لمعدات الترفيه في الرياض، دخل حيز التشغيل في مارس 2025.
Kirby Building Systems (الكويت) وWelspun Group (الهند): استثمار بقيمة 315.1 مليون دولار لكل منهما في مصانع للمنشآت الحديدية وأنابيب الصلب في مدينة سدير الصناعية والدمام.
مستقبل واعد.. وتحديات قائمة
كما أشار التقرير إلى أن مؤتمر LEAP 2025 للتكنولوجيا أسفر عن تعهدات استثمارية مستقبلية بقيمة 14.9 مليار دولار، ما يعزز طموح المملكة في أن تصبح مركزًا عالميًا للابتكار والتقنية.
لكن رغم هذه الأرقام الواعدة، يظل التحدي قائمًا في ضمان استدامة هذه الاستثمارات وتحويلها إلى عوائد اقتصادية ملموسة تسهم في خلق وظائف جديدة وتنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط.
وعليه فإن أرقام النصف الأول من 2025 تؤكد أن السعودية تسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتها كإحدى أكثر الوجهات جذبًا للاستثمارات الأجنبية في المنطقة. وبينما تواصل الرياض تعزيز بنيتها التحتية الرقمية والعقارية والصناعية، يبقى نجاح رؤية 2030 مرهونًا بقدرتها على إدارة هذه الاستثمارات بكفاءة، وتحقيق التوازن بين الطموحات العملاقة والجدوى الاقتصادية الفعلية.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72437



