أخبار الخليج

السعودية تدفع بقوة نحو التحول إلى مركز عالمي للتعدين في إطار رؤية 2030

تواصل المملكة العربية السعودية تكثيف جهودها للتحول إلى مركز عالمي رائد في قطاع التعدين، في إطار رؤية 2030 التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وتشير أحدث التحركات الحكومية إلى مرحلة جديدة من التوسع الاستراتيجي، عبر فتح جولة مزايدة جديدة للاستثمار في ثلاث مناطق واعدة للاستكشاف المعدني، بهدف استغلال ثروة معدنية غير مستغلة تقدّر بنحو 2.5 تريليون دولار.

وأعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية هذا الأسبوع عن إطلاق جولة مزايدة جديدة تستهدف أحزمة جيولوجية غنية بالذهب والفضة والنحاس والزنك والرصاص.

وتمثل هذه الخطوة امتداداً لسلسلة مبادرات حكومية جعلت من التعدين “الركيزة الثالثة” للاقتصاد السعودي، بعد الطاقة والصناعة، بما يعكس طموح المملكة في إعادة تشكيل موقعها الجيواقتصادي في سوق المعادن العالمية.

وتزامنت المزايدة الجديدة مع إعلان شركة التعدين السعودية “أماك” — المدرجة في سوق تداول — عن اكتشاف موارد معدنية ضخمة في منطقة نجران على الحدود الجنوبية للمملكة.

وتشير البيانات إلى اكتشاف ما يقرب من 11 مليون طن من النحاس والزنك والذهب والفضة، فيما تتوقع الشركة وصول حجم الموارد الإجمالي إلى 20 مليون طن بعد استكمال عمليات الحفر، التي لم تتجاوز حتى الآن 10% من المساحة المرخصة لها.

وخلال الأشهر الماضية، نفذت “أماك” عمليات حفر مكثفة بلغت أكثر من 27 ألف متر منذ فبراير الماضي، مع توقعات بصدور تقديرات محدثة للموارد في النصف الثاني من عام 2026.

وتأتي هذه التطورات في سياق توسع كبير في النشاط التعدينـي داخل المملكة، حيث تشير هيئة الإحصاء السعودية إلى وجود 5,651 موقعاً للتعدين في مختلف المناطق، إضافة إلى ارتفاع عدد الرخص التعدينية بنسبة 21% منذ عام 2016.

وفي خطوة لتعزيز القدرات الصناعية المرتبطة بالتعدين، تقوم شركة “معادن منارا” — وهو مشروع مشترك بين صندوق الاستثمارات العامة وشركة “معادن” — بشراء أصول دولية لتعزيز قدرات المملكة في مجالات المعالجة المتوسطة، بغرض دمج الإنتاج السعودي في سلاسل الإمداد العالمية ورفع القيمة المضافة للثروات المعدنية.

وجاء تحرك السعودية القوي نحو قطاع المعادن الاستراتيجية أيضاً في سياق عالمي تتصاعد فيه المنافسة على الموارد التعدينية، خصوصاً تلك المستخدمة في الصناعات الحيوية مثل الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية والإلكترونيات المتقدمة.

ويشير تقرير “المونيتور” إلى أن التعاون الأميركي–الخليجي في مجال المعادن الاستراتيجية شهد تقدماً ملحوظاً خلال العام الحالي.

ففي منتصف نوفمبر، وخلال زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن، أعلن الجانبان عن اتفاق للتعاون في المعادن الاستراتيجية، إلى جانب مشروع مشترك لإنشاء أول مصفاة سعودية للمعادن الأرضية النادرة.

وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود الولايات المتحدة لإعادة تشكيل سلاسل الإمداد وتقليل الاعتماد على الصين، التي تستحوذ على نحو 90% من عمليات تنقية المعادن الأرضية النادرة عالمياً.

وفي السياق نفسه، أطلق صندوق أبوظبي ADQ صندوقاً بقيمة 1.8 مليار دولار للاستثمار في المعادن الاستراتيجية، بالشراكة مع مؤسسة تمويل التنمية الأميركية (DFC).

كما دخل صندوق قطر السيادي في شراكة كبرى مع شركة Ivanhoe Mines الكندية لتعزيز الاستثمارات في التعدين العالمي.

وفي ظل تضييق الصين قيود تصدير بعض المعادن الاستراتيجية، تبرز منطقة الخليج — وعلى رأسها السعودية — كبديل جذاب للولايات المتحدة وحلفائها الباحثين عن استقرار الإمدادات وتنوع مصادرها.

ورغم هذا التوسع السعودي في الشراكة مع الولايات المتحدة والغرب في قطاع المعادن، إلا أن المملكة تحافظ على توازن استراتيجي في علاقاتها الدولية، حيث تواصل التعاون الاقتصادي مع روسيا.

ففي “منتدى الاستثمار السعودي–الروسي” الذي انعقد مطلع الأسبوع، أكد مسؤولون سعوديون كبار “صلابة العلاقات الاقتصادية” مع موسكو، مشيرين إلى عقد من التعاون في مشاريع التعدين والبنية التحتية والبتروكيماويات والتكنولوجيا.

وبذلك ترسل الرياض رسالة واضحة بأن استراتيجيتها التعدينية تعتمد على تنويع الشراكات بدلاً من الارتهان لمحور واحد، في خطوة تعزز مرونة المملكة في التعامل مع التقلبات الجيوسياسية العالمية.

الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=73199

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى