الدوحة تستضيف القمة العربية والإسلامية الطارئة: مواجهة سياسية شاملة بعد العدوان الإسرائيلي
تستضيف دولة قطر قمة عربية إسلامية طارئة يومي الأحد والاثنين المقبلين، لبحث تداعيات الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على أراضيها، والذي استهدف قيادات حركة حماس في العاصمة الدوحة. وتعكس الخطوة القطرية رغبة واضحة في تحويل الغضب الشعبي والإدانة الدولية إلى موقف عربي – إسلامي موحد يضع إسرائيل أمام مسؤولياتها السياسية والقانونية.
جنازة الشهداء وتشييع رسمي واسع
شارك أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الخميس، في تشييع جثامين قتلى الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مبنى في الدوحة يوم الثلاثاء.
وأقيمت صلاة الجنازة في جامع الشيخ محمد بن عبد الوهاب بمشاركة حشود غفيرة من المواطنين والمقيمين، في مشهد حمل رسائل سياسية وشعبية واضحة بأن العدوان الإسرائيلي لم يستهدف حماس وحدها، بل سيادة قطر وهيبتها الوطنية.
وكان من بين القتلى هامان الحية نجل كبير المفاوضين في حركة حماس خليل الحية، ومدير مكتبه جهاد لباد، إلى جانب ثلاثة من حراسه الشخصيين: أحمد مملوك، وعبد الله عبد الواحد، ومؤمن حسون. كما استشهد عنصر من قوات الأمن القطرية أثناء تأدية مهامه.
وتؤوي الدوحة منذ سنوات المكتب السياسي لحركة حماس، في إطار دورها كوسيط أساسي بين الحركة وإسرائيل بغطاء دولي وبالتنسيق مع واشنطن والقاهرة. إلا أن الغارة الأخيرة قلبت المعادلة رأساً على عقب، وأضعفت فرص التوصل إلى تسوية في ملف الرهائن المحتجزين في غزة.
وصرح رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “قتل أي أمل” في إنجاز صفقة تبادل، مؤكداً أن ما جرى في الدوحة لم يكن مجرد عمل عسكري بل نسف لمسار دبلوماسي كامل.
مواجهة علنية بين الدوحة وتل أبيب
لم تقتصر التداعيات على المستوى السياسي، بل تحولت إلى مواجهة مباشرة بين الطرفين. فقد حذّر نتنياهو قطر من “طرد مسؤولي حماس أو تقديمهم للعدالة”، مضيفاً: “إذا لم تفعلوا ذلك أنتم، فسنفعل نحن”.
الدوحة ردت بصرامة على لسان وزارة خارجيتها، ووصفت تهديدات نتنياهو بأنها “محاولة يائسة لتبرير جريمة أدانها العالم”، مؤكدة أن استضافة مكتب حماس جرت في إطار جهود الوساطة التي طلبتها الولايات المتحدة وإسرائيل نفسها.
قطر شددت كذلك على أنها ستعمل مع شركائها الدوليين لمحاسبة نتنياهو، ووصفت سلوكه بأنه “متهور وغير مسؤول”.
تفاعلات دولية متسارعة
في الولايات المتحدة، سعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى النأي بنفسه عن العملية، قائلاً إنه “غير سعيد” بالضربة. وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن مكالمة ساخنة جرت بينه وبين نتنياهو، أبدى فيها ترامب امتعاضه من “القرار غير الحكيم” بمهاجمة أهداف داخل قطر.
على النقيض، تبنى السفير الإسرائيلي لدى واشنطن يحيئيل ليتر لهجة متشددة، معلناً أمام الكونغرس أن إسرائيل “ستلاحق قادة حماس أينما كانوا”، متوعداً بالمزيد من العمليات.
في الخليج، أثارت الغارة غضباً واسعاً، إذ رأت فيها العواصم العربية خرقاً خطيراً لسيادة قطر وللأمن الإقليمي.
ولم يتوقف التصعيد الإسرائيلي عند حدود الدوحة. ففي اليوم التالي للهجوم، شنت إسرائيل غارات واسعة على صنعاء استهدفت وزارة الدفاع التابعة للحوثيين ومواقع عسكرية أخرى، ما أدى إلى مقتل 35 شخصاً على الأقل. هذه الضربات عززت المخاوف من انزلاق المنطقة إلى فوضى شاملة تربط بين جبهات غزة وقطر واليمن وإيران.
قمة الدوحة: لحظة اختبار للنظام العربي والإسلامي
الحدث المحوري يبقى في القمة المرتقبة التي ستستضيفها قطر، والتي من المتوقع أن تشهد نقاشاً محتدماً حول طبيعة الرد الجماعي. خيارات مثل تجميد العلاقات مع إسرائيل، طرد السفراء، أو فرض عزلة دبلوماسية ستكون مطروحة بقوة، مقابل محاولات أطراف أخرى الدفع نحو الاكتفاء بالإدانات اللفظية.
والقمة، بحسب مراقبين، ستكون اختباراً حاسماً لقدرة العالمين العربي والإسلامي على تجاوز البيانات التقليدية، وصياغة موقف عملي يضع إسرائيل أمام تكلفة سياسية ودبلوماسية واضحة.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72697



