أخبار الخليج

الإمارات ودبلوماسية ما بعد “هجوم الدوحة”: مناورات خفية لمنع حصار جوي على إسرائيل

في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على الدوحة في 9 سبتمبر/أيلول، برزت فكرة غير مسبوقة داخل أروقة النقاش العربي والإسلامي: فرض حصار جوي موحد على إسرائيل كإجراء جماعي منسق، شبيه بالعقوبات الاقتصادية والسياسية التي اتخذتها المنطقة في أزمات سابقة.

غير أن التسريبات التي نشرها موقع دارك بوكس تشير إلى أن الإمارات العربية المتحدة لعبت دورًا حاسمًا في تقويض هذا المقترح، عبر تحركات دبلوماسية سرية تهدف إلى حماية مسار التطبيع والعلاقات المباشرة مع إسرائيل.

ووفق مراكز أبحاث سياسية درست السيناريو، فإن إغلاق المجال الجوي العربي أمام الطيران الإسرائيلي قد يُلحق أضرارًا اقتصادية جسيمة بـإسرائيل:

تأثر الطيران والتجارة: الطائرات الإسرائيلية ستضطر إلى اتخاذ مسارات أطول وأكثر تكلفة.

تراجع السياحة: عزل جوي سيقلص الحركة السياحية بشكل كبير.

الناتج المحلي: التقديرات الأولية تشير إلى خسائر ملموسة في الاقتصاد الإسرائيلي خلال فترة قصيرة.

وقد دفعت هذه السيناريوهات بعض الدول إلى اعتبار الحصار أداة ضغط فعالة لإجبار تل أبيب على دفع ثمن سياسي لسياساتها العسكرية.

الموقف الإماراتي: علنًا إدانة… سرًا تعطيل

الإمارات لم تقف مكتوفة الأيدي أمام الهجوم الإسرائيلي على الدوحة. فقد أصدرت بيانات وصفت القصف بأنه “عدوان غادر”، واستدعت السفير الإسرائيلي، وأكدت أن أي اعتداء على دولة خليجية هو اعتداء على “الأمن الخليجي المشترك”.

لكن خلف هذه اللغة الحادة، تكشف الوثائق أن الإمارات مارست ضغطًا متواصلًا عبر القنوات الدبلوماسية لعرقلة أي مسعى عربي أو إسلامي لتبني حصار جوي فعلي. هذا التناقض يعكس نهجًا مزدوجًا:

خارجيًا: تهدئة الرأي العام العربي الغاضب عبر خطاب إدانة صريح.

داخليًا: حماية شبكات التعاون الاقتصادي والدبلوماسي مع إسرائيل، التي تأسست منذ اتفاقيات إبراهيم.

المخاوف الإماراتية: هشاشة سياسية واقتصادية

تحليلات مراكز الأبحاث تصف الإمارات بأنها “هشة سياسيًا” في هذا السياق. أي أن أي خطوة قسرية مثل إغلاق المجال الجوي ستضع أبوظبي أمام خيار صعب:

إما الاصطفاف مع الإجماع العربي وخسارة مكتسبات التطبيع (الطيران، التجارة، البروتوكولات الأمنية).

أو التشبث بالتطبيع بما يعني مواجهة اتهامات بالانحياز لإسرائيل على حساب التضامن العربي والإسلامي.

كما تخشى الإمارات من أن استفزاز إسرائيل والغرب عبر حصار شامل قد يؤدي إلى فقدان الدعم الأميركي والأوروبي، وهو ما يُضعف دورها كوسيط إقليمي ويقوض مكانتها الدولية.

الضغوط داخل مجلس التعاون والجامعة العربية

تشير تقارير دارك بوكس إلى أن الإمارات تضغط داخل مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية من أجل: تخفيف لهجة البيانات الرسمية وتجنب أي ذكر صريح لإغلاق المجال الجوي أو العقوبات الاقتصادية إلى جانب تسويق بدائل أقل حدّة مثل بيانات شجب أو مقاطعة دبلوماسية رمزية.

وبحسب مراقبين فإن هذه التحركات، إذا نجحت، قد تضعف الإجماع العربي الإسلامي وتُبقي الرد في إطار رمزي، بعيدًا عن إجراءات عملية قد تعرّض إسرائيل لعزلة خانقة.

الرأي العام مقابل الحسابات السياسية

توازن الإمارات يعكس الانقسام الأكبر في المنطقة:

الرأي العام العربي والإسلامي يدفع بقوة نحو اتخاذ إجراءات عقابية ملموسة ضد إسرائيل بعد هجوم الدوحة.

الأنظمة السياسية، ومنها الإمارات، تفكر في العواقب الاقتصادية والدبلوماسية لأي خطوة تصعيدية، وتفضل الحفاظ على الاستقرار والعلاقات مع القوى الغربية.

بهذا المعنى، التطبيع أعاد رسم خطوط الصدع: لم يعد الخلاف بين العرب وإسرائيل فقط، بل بين الشعوب الغاضبة والدول التي تراهن على المصالح الاقتصادية.

ومن غير المؤكد حتى الآن ما إذا كانت مقاومة الإمارات ستمنع إقرار الحصار الجوي. لكن المؤشرات تؤكد أن أبوظبي تلعب دورًا محوريًا في إضعاف أي إجماع عربي إسلامي شامل.

إذا فشلت هذه الجهود، قد تواجه الإمارات خطر تراجع علاقاتها مع إسرائيل أو حتى تعرضها لانتقادات حادة من واشنطن. أما إذا نجحت، فسيكون الثمن سياسيًا: خسارة مزيد من الثقة الشعبية والإقليمية، وتأكيد صورة الإمارات كأحد أبرز “حماة” مسار التطبيع حتى في أحلك الظروف.

الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72796

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى