دود فعل الإعلام العالمي على القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة
أثارت القمة العربية الإسلامية الطارئة التي استضافتها قطر ردود فعل واسعة في وسائل الإعلام العالمية، بعد أن اجتمع قادة من مختلف الدول لمناقشة الرد على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف مكتب حركة حماس في الدوحة الأسبوع الماضي.
ورغم التضامن الظاهر مع قطر، ركزت التغطيات الدولية على الانقسامات بين الدول العربية والإسلامية، والخيارات المحدودة المتاحة أمامها لاتخاذ خطوات عملية ضد إسرائيل.
انقسامات واضحة وإجراءات محدودة
أبرزت وكالة أسوشييتد برس أن القمة كشفت عن تباين واسع في وجهات نظر القادة.
وقالت الوكالة إن المجتمعين “عرضوا وجهات نظر مختلفة حول ما يجب فعله، واتفقت المجموعة على اتخاذ الحد الأدنى من الإجراءات فقط”.
وأضافت أن “الاختلافات الكبيرة بين الدول أدت إلى إحباط أي محاولة للتعاون”، مشيرة إلى أن بعض الدول التي ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل بدت مترددة في قطعها.
كما لفتت الوكالة إلى أن البيان الختامي للقمة اكتفى بالدعوة إلى “اتخاذ جميع الإجراءات القانونية والفعالة الممكنة لمنع إسرائيل من مواصلة أفعالها ضد الشعب الفلسطيني”، في حين أن محللين كانوا قد توقعوا قبل القمة قرارات أكثر صرامة مثل إغلاق المجال الجوي أمام الرحلات الإسرائيلية أو خفض مستوى العلاقات.
خطاب قطري لاذع وحضور إقليمي وازن
وفي تغطيتها، ركزت واشنطن بوست على كلمة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ووصفتها بأنها “نارية بشكل غير معتاد”، مشيرة إلى أن الأمير عبّر عن “غضب من سياسات نتنياهو الإقليمية وشعور بالخيانة بعد جهود وساطة مكثفة بذلتها قطر”.
وأضافت الصحيفة أن القمة شهدت حضوراً لافتاً لقادة بارزين بينهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ما أظهر – بحسبها – تضامناً واضحاً مع قطر، التي وُصفت بأنها لاعب محوري في الوساطة بين إسرائيل وحماس.
الفشل في الاتفاق على تدابير عقابية
من جانبها، رأت نيويورك تايمز أن القادة “فشلوا في الاتفاق على أي تدابير عقابية يمكن اتخاذها رداً على الهجوم على قطر”. وأوضحت الصحيفة أن الخيارات العسكرية لم تكن مطروحة أساساً، بسبب اعتماد دول الخليج على المظلة الأمنية الأميركية.
لكنها أشارت إلى أن بدائل أخرى جرت مناقشتها، مثل خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية أو التجارية مع إسرائيل، غير أن الدعوة إلى مراجعة العلاقات التي تضمنها البيان الختامي اعتُبرت غير ملزمة.
ولفتت الصحيفة أيضاً إلى الحضور المشترك لولي العهد السعودي والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، واعتبرته “عرضاً نادراً للوحدة” بين خصمين إقليميين تقليديين.
تباين في المواقف بين العواصم
ركزت وكالة رويترز على الصياغة النهائية للبيان، وأشارت إلى أنها جاءت أضعف من المسودة التي اطّلعت عليها الوكالة مسبقاً، إذ تم حذف عبارات حول تهديد الهجوم الإسرائيلي لجهود التعايش والتطبيع.
كما سلطت الضوء على التباين بين المواقف العربية، حيث التقى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في الوقت نفسه مع نتنياهو في تل أبيب، مقدماً دعماً قوياً لموقف إسرائيل، رغم قلق واشنطن من استهداف قطر.
الحسابات الخليجية الدقيقة
وصفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية القمة بأنها “فشلت في الاتفاق على أي تدابير جماعية”، معتبرة أن هذا يعكس الحذر الشديد لدى دول الخليج من الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل أو إغضاب الولايات المتحدة.
ونقلت عن مسؤول عربي أن بعض الدول تدرس إجراءات ثنائية، وأن الرسالة الأساسية للقمة هي إظهار وحدة رمزية ضد التهديد الإسرائيلي.
وأضافت الصحيفة أن قطر علقت بالفعل جميع اتصالاتها مع إسرائيل، بما فيها التعاون الاستخباراتي، في حين تواجه الإمارات ضغوطاً متزايدة لإعادة النظر في مستوى علاقاتها ضمن اتفاقات إبراهيم.
ونقلت عن مسؤول إماراتي أن “كل شيء مطروح” لكن هناك حرص على عدم تبديد مكاسب التطبيع. كما نقلت عن مصدر مطلع قوله: “توقعوا خطوات أخرى قريباً”.
ارتياح أميركي من غياب العقوبات
أما صحيفة الغارديان البريطانية، فركّزت على أن الزعماء امتنعوا عن اتخاذ إجراءات انتقامية مباشرة ضد إسرائيل مثل تعليق اتفاقات إبراهيم.
ورأت الصحيفة أن هذا التطور يمثل ارتياحاً لواشنطن التي تحاول منع انهيار العلاقات العربية – الإسرائيلية. وأضافت الصحيفة أن عدداً من قادة الخليج شددوا على ضرورة أن يقدّم الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضمانات لكبح جماح نتنياهو.
كما لفتت الغارديان إلى أن الحضور الواسع للقادة الخليجيين والإسلاميين في الدوحة عكس رغبة في إظهار التضامن مع قطر بعد تعرضها لضربة إسرائيلية مباشرة، لكنها أشارت إلى أن الضغوط القطرية على الإمارات لاتخاذ خطوات رمزية ضد إسرائيل لم تسفر عن نتائج ملموسة حتى الآن.
وبالمحصلة تجمع التغطيات الإعلامية الغربية على أن قمة الدوحة حملت رسائل تضامن قوية مع قطر ورفضاً معلناً للعدوان الإسرائيلي، لكنها في الوقت نفسه كشفت عن خلافات عميقة بين الدول العربية والإسلامية، وتردداً في اتخاذ خطوات عملية قد تؤدي إلى تصعيد سياسي أو اقتصادي.
وبينما حرصت بعض الدول على التلويح بإجراءات مستقبلية، بدا أن القمة اكتفت ببيان سياسي يعبّر عن الغضب والشجب، دون الانتقال إلى مستوى العقوبات أو القرارات الملزمة. وهو ما دفع العديد من المراقبين للقول إن القمة، رغم رمزيتها، لم تغيّر المعادلة القائمة: تضامن معلن… بلا أدوات ضغط حقيقية.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72732



