سوريا وأوكرانيا تستأنفان العلاقات الدبلوماسية بعد لقاء أحمد الشرع بزيلينسكي
أعلنت كل من سوريا وأوكرانيا استئناف العلاقات الدبلوماسية رسميًا، بعد قطيعة استمرت أكثر من عامين، إثر لقاء جمع الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وتعود جذور الخلاف إلى يونيو/حزيران 2022 حين قررت كييف قطع علاقاتها مع دمشق، بعد اعتراف النظام السوري السابق بقيادة بشار الأسد باستقلال المناطق الأوكرانية التي احتلتها روسيا في إقليم دونباس وجنوب أوكرانيا.
وعززت الخطوة آنذاك صورة الأسد كحليف استراتيجي لموسكو، خاصة بعدما سمح بترسيخ وجود عسكري روسي واسع النطاق على الأراضي السورية منذ عام 2015.
لكن المشهد تغيّر جذريًا في ديسمبر/كانون الأول 2024، مع الإطاحة بالأسد وصعود القيادة الجديدة بزعامة أحمد الشرع، التي بدأت فورًا بفتح قنوات مع الغرب وأوكرانيا في محاولة لإعادة تموضع سوريا على الساحة الدولية والتخفيف من آثار العقوبات التي كبّلت اقتصادها.
لقاء الشرع وزيلينسكي
بحسب بيان مشترك لوزارتي الخارجية في البلدين، جاء الإعلان عن استئناف العلاقات عقب اجتماع مغلق بين الرئيسين.
وأكد زيلينسكي عبر قناته على تيليغرام: “نحن سعداء بهذه الخطوة المهمة ومستعدون لدعم الشعب السوري في طريقه نحو الاستقرار.”
من جانبها، نقلت وسائل الإعلام السورية الرسمية عن الشرع تأكيده على أن سوريا تتطلع إلى بناء علاقات وثيقة مع أوكرانيا، بما يخدم “التعاون المشترك والاحترام المتبادل للسيادة الوطنية.”
محادثات سابقة وتمهيد الطريق
لم يكن اللقاء وليد اللحظة، إذ سبقته خطوات تمهيدية. ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أوفد زيلينسكي وزير خارجيته إلى دمشق للقاء القيادة السورية الجديدة.
آنذاك، حثت كييف دمشق على إنهاء الوجود الروسي العسكري، مقابل وعود بتقديم مساعدات إنسانية وغذائية عاجلة، إضافة إلى تسهيلات محتملة لإعادة دمج سوريا في النظام الدولي.
وقالت مصادر دبلوماسية إن زيارة وزير الخارجية الأوكراني ساعدت في تهيئة الأرضية لإعادة العلاقات، وفتحت النقاش حول مشاريع تعاون إنساني وإعادة إعمار بدعم أوروبي.
الموقف الروسي
استئناف العلاقات لم يمر دون ملاحظة موسكو، التي منحت الأسد حق اللجوء بعد سقوط نظامه. روسيا، التي تعد أحد أكبر الداعمين العسكريين والسياسيين لسوريا على مدى العقد الماضي، سارعت إلى إرسال وفد كبير الشهر الجاري بقيادة مسؤول رفيع في قطاع الطاقة إلى دمشق.
ويُنظر إلى الخطوة الروسية على أنها محاولة لإعادة تثبيت نفوذها ومنع خسارة حليف استراتيجي في الشرق الأوسط، خاصة في ظل انشغالها بالحرب في أوكرانيا وتنامي عزلتها الدولية.
وفي كلمته أمام الجمعية العامة، شدد زيلينسكي على أن “سوريا تستحق دعماً دولياً أقوى”، مؤكدًا استعداد بلاده لتقديم المساعدة للسوريين “في بناء مستقبل مختلف بعيدًا عن الاستبداد والتبعية.”
أما القيادة السورية فقد استغلت المناسبة لتجديد مطالبها برفع العقوبات الغربية المفروضة خلال عهد الأسد، مؤكدة أن العقوبات تعرقل جهود إعادة الإعمار وتثقل كاهل الشعب السوري.
أهمية الخطوة
يعتبر مراقبون استئناف العلاقات بين دمشق وكييف مؤشراً على تحوّل استراتيجي في السياسة الخارجية السورية، يبتعد عن محور موسكو–طهران باتجاه انفتاح أكبر على الغرب.
كما يمثل مكسبًا دبلوماسيًا لزيلينسكي، الذي يسعى إلى حشد أكبر دعم دولي ممكن في مواجهة روسيا، وإظهار أن أوكرانيا قادرة على كسب شركاء حتى بين الدول التي كانت تقليديًا أقرب إلى موسكو.
ورغم الأجواء الإيجابية، فإن الطريق أمام تطوير العلاقات الثنائية ما زال مليئًا بالتحديات. فالمطالب الأوكرانية بخروج القوات الروسية من سوريا قد تصطدم بالوقائع على الأرض، حيث ما زالت روسيا تسيطر على قواعد ومرافق حيوية.
كما أن أي تقارب سوري–أوكراني قد يفاقم التوتر بين دمشق وموسكو، ما يضع القيادة السورية الجديدة أمام اختبار دبلوماسي صعب.
إلى جانب ذلك، تبقى العقوبات الغربية مسألة حاسمة، إذ تسعى دمشق لاستثمار علاقاتها الجديدة مع كييف كورقة ضغط على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لإعادة النظر في بعض القيود الاقتصادية.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72806



