مليارات الخليج تُشعل حرب هوليوود: كوشنر يعود لاعبًا خفيًا في سباق باراماونت–نتفليكس

عاد جاريد كوشنر المستشار السابق للرئيس الأميركي دونالد ترمب وصهره لاعباً مركزياً في واحدة من أكبر معارك الاستحواذ في صناعة الترفيه الحديثة بفعل مليارات الخليج.

فقد كشفت وثائق عرض باراماونت العملاق بقيمة 108 مليارات دولار للاستحواذ العدائي على شركة Warner Bros. Discovery (WBD) أن شركة Affinity Partners المملوكة لكوشنر مدعومة بثلاثة صناديق سيادية خليجية: صندوق الاستثمارات العامة السعودي، شركة L’imad Holding من أبوظبي، وجهاز قطر للاستثمار.

وكان موقع Axios الأمريكي أول من أشار إلى التمويل الخليجي الضخم وراء العرض، وهو ما يضيف بُعدًا جيوسياسياً لصفقة تجارية يفترض أنها محضة.

وتشير الوثائق إلى أن التمويل الخارجي بما فيه أموال السعودية والإمارات مُصمم بطريقة تمنع حصول هذه الأطراف على أي حقوق حوكمة أو مقاعد في مجلس الإدارة.

ويضمن هذا الهيكل أن الصفقة لن تخضع لاختصاص لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة (CFIUS)، الهيئة التنظيمية الأكثر حساسية تجاه دخول رؤوس أموال أجنبية في أصول أميركية استراتيجية.

ويبدو أن هذا تحديدًا ما دفع مجلس إدارة WBD إلى تفضيل عرض نتفليكس الأولي، لأنه لا يتضمن أي تمويل خارجي وبالتالي يتجنب المنعطفات التنظيمية المحتملة.

ومع ذلك، يؤكد الرئيس التنفيذي لباراماونت، ديفيد إليسون، أن عرضه البالغ 30 دولاراً للسهم ليس “العرض النهائي”، في إشارة إلى استعداد الشركة لرفع الرهان في مواجهة نتفليكس.

كوشنر… من السياسة إلى رأس المال الخليجي

مشاركة كوشنر ليست مفاجِئة للمطلعين على ميزان القوى المالي في السنوات الأخيرة. فمنذ مغادرته البيت الأبيض، نجح في جمع مليارات الدولارات عبر شركته Affinity Partners من مستثمرين خليجيين، وعلى رأسهم السعودية، التي ضخت 2 مليار دولار في صندوقه بعد فترة وجيزة من مغادرته الإدارة الأميركية.

وتبرز صفقة Electronic Arts مثالًا واضحًا على هذا التموضع. ففي سبتمبر الماضي، شارك كوشنر في أكبر صفقة استحواذ عبر الأسهم الخاصة في تاريخ التكنولوجيا — خصخصة شركة EA مقابل 55 مليار دولار — بالشراكة مع Silver Lake وصندوق الاستثمارات العامة السعودي.

وتشير تقارير وول ستريت جورنال إلى أن كوشنر لعب دور الوسيط الذي قرّب Silver Lake من رأس المال السعودي.

واللافت أن نفس المستثمرين الخليجيين يعودون اليوم لتمويل العرض الضخم لباراماونت، ما يجعل Affinity Partners مركز ثقل في شبكة مالية وسياسية تمتد من وادي السيليكون إلى الرياض وأبوظبي والدوحة.

الخليج يشتري النفوذ الثقافي الأمريكي

يأتي دخول الأموال الخليجية إلى قلب صناعة الترفيه في وقت تتنافس فيه السعودية والإمارات على توسيع نفوذهما ضمن قطاعات الإعلام والرياضة والترفيه، كجزء من إعادة تشكيل اقتصاداتها ضمن “رؤية 2030”.

وقد أكّد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، خلال منتدى Fortune Global في الرياض، أن عام 2025 سيكون “لحظة محورية” في إعادة صياغة المشهد الاقتصادي العالمي.

ويجعل هذا التوجه من صفقة باراماونت-وارنر أكثر من مجرد معركة شركات؛ إنها جزء من صراع أكبر على مستقبل القوة الناعمة.

ولم تخلُ المعركة من اللمسة السياسية. فقد علّق الرئيس دونالد ترمب على صفقة نتفليكس–وارنر قائلاً إنها “قد تكون مشكلة” بسبب احتمالات الاحتكار، وأكد أنه التقى الرئيس المشارك لنتفليكس تيد ساراندوس قبل إعلان الصفقة. ورغم أنه أثنى عليه ووصفه بـ”الرجل الرائع”،

فإن تصريحاته فتحت الباب لتساؤلات حول تأثيره المتوقع على مسار المراجعة التنظيمية.

ودخل ترمب كذلك في اشتباك لفظي مع باراماونت، منتقدًا برنامج 60 Minutes عبر Truth Social، ما جعل موقفه من الصفقة غير واضح، بل متذبذبًا.

وتحمل الصفقة أبعادًا سياسية داخل الولايات المتحدة إّ أن ديفيد إليسون، مالك باراماونت الجديد، هو ابن الملياردير الجمهوري لاري إليسون.

في المقابل، يتصدر نتفليكس تيارًا أقرب إلى الديمقراطيين، إذ إن مؤسسها ريد هاستينغز يعد من أبرز ممولي الحزب.

وفي خضم هذا التشابك، قالت منظمة American Economic Liberties Project إن الخيار الأمثل هو منع كلا الصفقتين، معتبرةً تدخل السياسيين في معركة هوليوود تطورًا “خطيرًا”.

لكن المؤكد أن دخول كوشنر، مدعومًا بمليارات خليجية، يُعيد تشكيل قواعد اللعبة في هوليوود، ويفتح نافذة جديدة على التداخل العميق بين المال والسياسة والنفوذ الثقافي في الولايات المتحدة.

الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=73264