المال والأعمال

الولايات المتحدة تتوصل إلى اتفاق تجاري جديد مع أوروبا برسوم جمركية 15%

في تحول لافت في مسار العلاقات الاقتصادية عبر الأطلسي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن التوصل إلى اتفاق تجاري جديد مع الاتحاد الأوروبي، يتم بموجبه فرض رسوم جمركية موحدة بنسبة 15% على واردات السلع، في مقابل توسع كبير في الاستثمارات الأوروبية داخل الولايات المتحدة، وفتح الأسواق الأوروبية أمام السلع والطاقة والمعدات العسكرية الأمريكية.

وقد جاء هذا الإعلان من نادي ترامب للغولف في تيرنبيري باسكتلندا، بحضور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي أكدت بدورها أن الاتفاق “يمثل خطوة إيجابية نحو الاستقرار والقدرة على التنبؤ في العلاقات الاقتصادية بين الجانبين”.

ما الذي تضمنه الاتفاق؟

بموجب الاتفاق الجديد، سيفرض الطرفان رسومًا جمركية موحدة بنسبة 15% على السلع المتبادلة، وهو ما يمثل ارتفاعًا كبيرًا مقارنة بالمتوسط الجمركي السابق الذي تراوح بين 2% و5%. لكن ترامب وصف الاتفاق بأنه “الأكبر على الإطلاق”، مؤكدًا أن أوروبا وافقت على:

شراء ما قيمته أكثر من 750 مليار دولار من الطاقة الأميركية.

استثمار 600 مليار دولار إضافية فوق الالتزامات الحالية للاتحاد الأوروبي داخل الولايات المتحدة.

فتح أسواقها أمام المعدات العسكرية الأميركية والشركات الصناعية والتكنولوجية.

وقالت فون دير لاين في مؤتمر صحفي مشترك:

“الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يشكلان معًا سوقًا يضم 800 مليون شخص، ما يعادل نحو 44% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. هذا الاتفاق سيعزز الاستقرار ويزيد من القدرة على التنبؤ”.

لماذا هذا الاتفاق مهم؟

الصفقة تمثل نجاحًا جديدًا لنهج ترامب التجاري المتشدد، الذي يُفضّل فرض الرسوم الجمركية كوسيلة للضغط الاقتصادي، حتى على الحلفاء التقليديين. وكانت اليابان قد وافقت في وقت سابق من الأسبوع نفسه على اتفاق مماثل.

ويرى مراقبون أن الاتفاق جاء بعد ضغوط متزايدة على أوروبا لتجنّب تصعيد محتمل في “الحرب التجارية” مع واشنطن، خاصة في ظل هشاشة الاقتصاد الأوروبي وتباطؤ النمو في دول مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا.

صناعة السيارات تحت المجهر

منذ أبريل الماضي، كانت شركات السيارات الألمانية، مثل مرسيدس، وبي إم دبليو، وأودي، تخضع لرسوم جمركية أمريكية قدرها 25%، فيما فُرضت تعريفة بنسبة 10% على سلع أوروبية أخرى. ويقول مسؤولون أوروبيون إن الاتفاق الجديد يمثل “حلًا وسطًا” يجنّب المنطقة تصعيدًا مؤلمًا في قطاعها الصناعي الأكبر.

وصرح المستشار الألماني فريدريش ميرز على منصة “إكس”: “الاتفاق يساعد على تفادي صراع تجاري كان من شأنه أن يضرب بقوة الاقتصاد الألماني الموجه نحو التصدير”.

بدورها، وصفت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الاتفاق بأنه “مستدام”، لكنها تحفظت على إصدار حكم نهائي حتى الاطلاع على التفاصيل الكاملة.

أما رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن، فقد رحب بالاتفاق مشيرًا إلى أنه “يُدخل الوضوح على العلاقة التجارية”، لكنه أبدى قلقه من “الآثار المحتملة لارتفاع الرسوم الجمركية على التكلفة وسلاسة التبادل التجاري بين الجانبين”.

عجز تجاري مزمن… وصفقة لتقليصه

تعد دول الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر للولايات المتحدة، إذ استوردت واشنطن أكثر من 600 مليار دولار من البضائع الأوروبية في عام 2024، مقابل صادرات أمريكية لم تتجاوز 370 مليار دولار.

وكان هذا العجز أحد أبرز مصادر الإحباط بالنسبة لترامب منذ توليه منصبه، وقد تعهد مرارًا بتقليصه. وتأتي هذه الاتفاقية كأحد أدواته لتحقيق هذا الهدف، عبر تشجيع الاستثمارات الأوروبية وزيادة الصادرات الأمريكية، لاسيما في قطاعي الطاقة والدفاع.

ردود أفعال متباينة… وتداعيات اقتصادية

رغم ترحيب العديد من القادة الأوروبيين بالاتفاق، عبّر خبراء الاقتصاد عن قلقهم من تداعيات الرسوم الجديدة على الأسعار والتضخم، في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي هشاشة واضحة، لا سيما في ظل آثار حرب أوكرانيا والحرب الجارية في غزة.

ويقول الخبير الاقتصادي توماس لوي من جامعة كولومبيا: “رفع الرسوم الجمركية إلى هذا المستوى غير مسبوق منذ عقود في العلاقات الأمريكية-الأوروبية. سيؤثر ذلك على سلاسل التوريد والأسعار للمستهلكين على جانبي الأطلسي”.

كما يُتوقع أن تتكيف بعض أكبر اقتصادات العالم مع هذا الواقع الجديد، بما في ذلك ألمانيا، فرنسا، والولايات المتحدة نفسها، في ظل مخاوف من تباطؤ النمو وارتفاع تكاليف الإنتاج والتصدير.

الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72136

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى