قطر تضع نصب عينيها أولمبياد 2036 بعد خبرة كأس العالم
بعد أن أثبتت قدرتها على تنظيم كأس العالم 2022 رغم الانتقادات الحادة، تتجه دولة قطر نحو خوض سباق جديد يتمثل في استضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2036، مما يضعها مرة أخرى تحت الأضواء الدولية، ويثير العديد من الأسئلة بشأن الجاهزية، والدعم الشعبي، والظروف المناخية، والعلاقات الإقليمية.
من كأس العالم إلى الأولمبياد
نجحت قطر في تنظيم كأس العالم لكرة القدم 2022 رغم الشكوك، وشهدت بنيتها التحتية تطورًا هائلًا، من ملاعب عالمية إلى شبكة مواصلات حديثة. ومنذ ذلك الحين، واصلت الدولة الخليجية تعزيز سجلها في تنظيم الفعاليات الرياضية الكبرى، حيث استضافت هذا العام وحده ثماني بطولات عالمية، وتستعد لاستضافة دورة الألعاب الآسيوية 2030، ما يجعل ترشحها للأولمبياد خطوة تبدو منطقية وطموحة في الوقت ذاته.
لكن الألعاب الأولمبية تختلف عن كأس العالم من حيث الحجم والتعقيد. فوفقًا للتوقعات، ستتضمن أولمبياد لوس أنجلوس 2028 نحو 36 رياضة وفعاليات متعددة التخصصات، مما يتطلب قدرة تنظيمية ولوجستية هائلة، تتجاوز ما تطلّبته بطولة كرة القدم.
تحديات المناخ والتوقيت
التحدي الأبرز أمام قطر هو الطقس الصيفي القاسي. فمتوسط درجات الحرارة في يوليو تصل إلى 44 درجة مئوية، ما يجعل إقامة الألعاب الأولمبية في موعدها التقليدي أمرًا غير واقعي. ويرى الخبراء، مثل البروفيسور جان-لوب شابليه من جامعة لوزان، أن الحل سيكون مماثلًا لما حدث في كأس العالم: نقل الألعاب إلى فصل الشتاء، أي نوفمبر أو ديسمبر.
لكن هذا التوقيت يُعد إشكاليًا على مستوى التقويم الرياضي العالمي، لأن العديد من البطولات الدولية يتم تنظيمها حول تقويم الأولمبياد التقليدي. وقد يؤدي ذلك إلى ضغوط على الاتحادات الرياضية وربما معارضة من بعض الدول التي تفضل الحفاظ على التوقيت المعتاد.
الدعم السياسي والشعبي
تشير اللجنة الأولمبية الدولية (IOC) إلى أن الدعم السياسي والشعبي هما العاملان الحاسمان في اختيار الدولة المضيفة، أكثر من جاهزية المنشآت. وبينما يبدو أن قطر تحظى بدعم سياسي قوي على مستوى القيادة، فإن الدعم الشعبي يبقى محل تساؤل، خصوصًا في ظل هيكل سكاني يُهيمن عليه العمال والوافدون، في حين يُشكّل المواطنون نسبة صغيرة نسبيًا.
وعلى عكس ما حدث في دول مثل ألمانيا التي أجرت استفتاء شعبي حول الترشح، لا يتوقع المراقبون أن تُجري قطر استفتاء مماثل، ما يفتح الباب أمام اللجنة الأولمبية الدولية للاعتماد على استطلاعات مستقلة قد تُثير الجدل بشأن مصداقيتها.
صورة حقوق الإنسان
رغم الإصلاحات التي تبنّتها قطر بعد الانتقادات المتعلقة بظروف العمال أثناء التحضير لكأس العالم، تبقى قضايا حقوق الإنسان، خاصة تلك المرتبطة بالعمالة الوافدة، نقطة حساسة في ملف الترشح. إذ تخشى اللجنة الأولمبية الدولية أن تجد نفسها عرضة لحملات انتقاد شبيهة بتلك التي صاحبت كأس العالم.
التنافس الإقليمي: السعودية في الخلفية
في حال فوز قطر بتنظيم أولمبياد 2036، فإن ذلك قد يؤخّر فرص دول إقليمية أخرى مثل السعودية، التي ستستضيف كأس العالم 2034، وربما تسعى لاحقًا لاستضافة الأولمبياد أيضًا. وهذا يُدخل عنصر الصراع الخليجي الخفي إلى المشهد، خصوصًا في ظل الطموحات المتداخلة للدولتين لتعزيز مكانتهما الرياضية والدبلوماسية عالميًا.
المنافسون المحتملون
بحسب التحليلات، فإن دولًا مثل إندونيسيا وكوريا الجنوبية وتركيا تبقى منافسة محتملة. لكن كل واحدة منها تواجه تحدياتها الخاصة: من حرارة الجو والمنشطات في الهند، إلى التقلبات السياسية في كوريا الجنوبية، بينما تُعد إسطنبول منافسًا قويًا نظرًا لمحاولاتها السابقة واستعدادها التقني.
متى يُحسم القرار؟
وفقًا لرئيسة اللجنة الأولمبية الدولية المنتخبة حديثًا، كيرستي كوفنتري، سيتم تأجيل إعلان الدولة المضيفة حتى عام 2027، في ظل دعوات لإعادة تقييم آليات الاختيار وإشراك أعضاء اللجنة بشكل أوسع. هذا يمنح قطر وقتًا إضافيًا لتعزيز ملفها وتحسين صورتها الذهنية على الساحة الدولية.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72160



