ذا إندبندنت: الأندية السعودية تقلّص إنفاقها للحد من تضخم التكاليف
بعد موجة إنفاق هائلة تجاوزت 1.5 مليار دولار منذ عام 2023 على صفقات اللاعبين الكبار، تتجه أندية الدوري السعودي للمحترفين اليوم نحو سياسة مالية أكثر حذرًا، بهدف ضمان الاستدامة المالية وتفادي تكرار سيناريوهات تضخم التكاليف التي عرفتها دوريات أخرى مثل الدوري الصيني.
وقال عمر مغربل، الرئيس التنفيذي للدوري السعودي للمحترفين، إن لوائح جديدة دخلت حيز التنفيذ قبل انطلاق الموسم الجديد، موضحًا أن الهدف هو “رفع القوة المالية للدوري وضمان استدامته على المدى الطويل”.
ومن أبرز التغييرات:
نقل الرقابة على الاستدامة المالية من وزارة الرياضة إلى لجنة الرقابة المالية التابعة لرابطة الدوري، لضمان التزام الأندية بمتطلبات الامتثال.
فرض قيود على تضخم الرواتب والصفقات، على غرار ما حدث في الدوري الصيني بعد طفرة الاستقدامات هناك.
منذ انتقال كريستيانو رونالدو إلى نادي النصر في 2022، ارتفعت حدة المنافسة وارتفعت معها مستويات الإنفاق بشكل غير مسبوق. لكن مع صدور اللوائح الجديدة في يوليو الماضي، باتت الأندية مطالبة بالتوازن بين الطموحات الرياضية والقدرة المالية.
الخصخصة وتطوير المواهب
السياسة الجديدة لا تقتصر على ضبط الإنفاق، بل تشمل فتح الباب أمام الخصخصة وتشجيع الاستثمار الخاص في الأندية. ورغم أن الأندية الكبرى لا تزال تحت سيطرة صندوق الاستثمارات العامة، فإن القطاع الخاص بدأ بالدخول إلى المشهد.
في يوليو، أصبحت مجموعة هاربورغ الأميركية أول شركة أجنبية تستحوذ على نادٍ سعودي بشرائها نادي الخلود، معلنة التزامها بالتركيز على تطوير المواهب الشابة بدلًا من الاعتماد فقط على شراء النجوم.
وقال مغربل إن الإيرادات تنمو باضطراد بفضل الرعايات والاستثمارات، مضيفًا أن الاستراتيجية الجديدة تقوم على استقطاب لاعبين في ذروة مسيرتهم، مع تقليص متوسط الأعمار ورفع مشاركة اللاعبين السعوديين.
ضخ دماء جديدة
ضمن الإصلاحات الأخيرة، جرى إدخال تغييرات مباشرة على شكل المنافسة وقوائم الأندية:
انخفض متوسط أعمار اللاعبين في الدوري من 29 عامًا إلى 26 عامًا.
تم تقليص حجم القوائم من 30 لاعبًا إلى 25، ما يتيح حركة انتقالات داخلية أكبر وفرص لعب إضافية للاعبين المحليين.
فرضت أماكن إلزامية للاعبين تحت 21 عامًا في كل فريق، لدعم قاعدة المواهب المحلية ومنحها مساحة أكبر للتطور.
هذه الخطوات تشير إلى تحول واضح نحو بناء قاعدة محلية قوية، بدل الاعتماد شبه الكامل على النجوم الأجانب.
انتشار عالمي متسارع
لم تقتصر الإصلاحات على الشأن الداخلي، إذ يشهد الدوري السعودي نموًا ملحوظًا في الانتشار العالمي. فقد تصدرت الأندية السعودية تصنيف الاتحاد الآسيوي للأندية أربع سنوات متتالية، وباتت المباريات تُبث في أكثر من 180 دولة حول العالم.
الاهتمام يتزايد بشكل خاص في أميركا الجنوبية وآسيا، حيث يجذب الدوري متابعين من البرازيل وغيرها من الدول ذات الثقافة الكروية العريقة.
ويؤكد مغربل أن الأولوية تظل للجمهور المحلي: “نركز أولًا على بناء منتج تنافسي لجماهيرنا في السعودية، لكننا نريد أيضًا تصدير قصة كرة القدم السعودية إلى العالم”.
وبعد سنوات من سياسة “شراء النجوم بأي ثمن”، يبدو أن الدوري السعودي يدخل مرحلة جديدة أكثر توازنًا، تجمع بين الطموحات العالمية وضرورة الاستقرار المالي.
وبينما تظل الأندية الكبرى قادرة على استقطاب أسماء عالمية، فإن التركيز يتجه الآن نحو تطوير المواهب السعودية وضبط النفقات، في محاولة لتأسيس مشروع طويل الأمد يضمن استمرار الدوري كأحد أبرز الدوريات الصاعدة في العالم.
الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72557



