السياسة الدولية

وزيرة المالية البريطانية تسعى لتسريع اتفاقية التجارة مع الخليج

تتوجه وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز إلى المملكة العربية السعودية على رأس وفد حكومي رفيع، في زيارة تهدف إلى دفع المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، وسط ضغوط داخلية متزايدة لتعزيز النمو الاقتصادي قبل إقرار ميزانية صعبة الشهر المقبل.

وتُعد هذه أول زيارة لمسؤول بريطاني بهذا المستوى إلى الخليج منذ ست سنوات، وتأتي في لحظة مفصلية تسعى فيها حكومة حزب العمال الجديدة إلى إعادة تموضع بريطانيا اقتصاديًا بعد سنوات من التباطؤ والتقلبات السياسية.

وستشارك ريفز في مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض، إلى جانب مسؤولين سعوديين بارزين، وممثلين عن الإدارة الأمريكية، ورجال أعمال عالميين، حيث من المتوقع أن تُعلن عن حزمة من الاتفاقات الاستثمارية الثنائية بين لندن والرياض.

محاولة لإنعاش النمو قبل الميزانية

تأتي الزيارة فيما تواجه ريفز ضغوطًا داخلية شديدة لتقديم حلول ملموسة لتحفيز الاقتصاد البريطاني الذي يعاني من تباطؤ النمو وارتفاع كلفة المعيشة.

ومع اقتراب موعد الميزانية في نوفمبر، تُتوقع إجراءات مالية قاسية تتضمن زيادات ضريبية محتملة أو خفضًا في الإنفاق العام، ما يضع الحكومة أمام اختبار سياسي واقتصادي صعب.

وأكدت ريفز قبل مغادرتها أن “أولوية الحكومة الأولى هي النمو”، مشيرة إلى أن بريطانيا “تسعى إلى تعزيز موقعها كشريك تجاري موثوق من خلال تقديم بيئة تنظيمية مستقرة وخبرة مالية عالمية”.

وأوضحت أن زيارتها إلى السعودية تهدف إلى “الاستفادة من الزخم الإيجابي الذي حققته المملكة المتحدة عبر صفقاتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند، والمضي قدمًا بسرعة نحو شراكات جديدة تخلق وظائف واستثمارات في جميع أنحاء البلاد”.

تقدم تدريجي في مفاوضات التجارة مع الخليج

بدأت المفاوضات بين لندن ودول مجلس التعاون الخليجي حول اتفاقية تجارة حرة شاملة منذ عام 2022، وتشمل مجالات متنوعة مثل الطاقة، والخدمات المالية، والتكنولوجيا، والابتكار.

وتأمل وزارة الخزانة البريطانية أن تسهم الصفقة المنتظرة في زيادة الناتج المحلي بنحو 1.6 مليار جنيه إسترليني، ورفع الأجور السنوية للعمال البريطانيين بمقدار 600 مليون جنيه على المدى الطويل.

ويرى اقتصاديون أن أي تقدم في هذه المحادثات سيعزز ثقة المستثمرين العالميين في الاقتصاد البريطاني بعد فترة من الاضطراب السياسي والمالي، خاصة أن الأسواق الخليجية تمثل أحد أسرع مراكز التجارة نموًا في العالم، وتُعد مصدرًا رئيسيًا لرؤوس الأموال في قطاعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والبنية التحتية في بريطانيا.

أبعاد سياسية ودبلوماسية

الزيارة لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تحمل أيضًا رسائل سياسية واضحة حول رغبة الحكومة البريطانية في توثيق شراكاتها مع السعودية والدول الخليجية بعد مرحلة من الفتور في العلاقات خلال السنوات الماضية.

فقد ناقش رئيس الوزراء كير ستارمر وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في وقت سابق هذا العام سبل تعزيز التعاون الاقتصادي، وأكدا على “التقدم الجيد” نحو اتفاقية شاملة توفر “اليقين للشركات والمستثمرين في الجانبين”.

وتسعى ريفز خلال مشاركتها في منتدى فورتشن العالمي ومؤتمر الاستثمار المؤسسي في الرياض إلى طمأنة قادة الأعمال والمستثمرين بشأن استقرار الاقتصاد البريطاني رغم التحديات المالية، مؤكدة التزام الحكومة “الصارم بالقواعد المالية” التي توازن بين الإنفاق العام والعائدات الضريبية دون اللجوء إلى اقتراض إضافي.

وتأمل لندن أن تثمر هذه الزيارة عن تسريع وتيرة المفاوضات وإعطاء دفعة سياسية لصفقة طال انتظارها يمكن أن تمهّد لمرحلة جديدة من العلاقات الاقتصادية بين المملكة المتحدة والعالم الخليجي.

أما بالنسبة للسعودية ودول المجلس، فالاتفاق يُنظر إليه كفرصة لتوسيع الاستثمارات في الأسواق البريطانية، ونقل التكنولوجيا، وتنويع العلاقات التجارية بعيدًا عن الاعتماد على الولايات المتحدة وحدها.

وبينما تواصل ريفز جولتها في الرياض، يترقب المراقبون ما إذا كانت هذه الزيارة ستسفر عن اختراق حقيقي في طريق الاتفاق، أم ستظل خطوة رمزية في مسار تفاوضي طويل تحكمه الحسابات السياسية والاقتصادية على جانبي الخليج والبحر الشمالي.

الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=73026

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى