أخبار الخليج

 انفصاليو المجلس الانتقالي يعززون قبضتهم على جنوب اليمن وسط قلق إقليمي

تشكّل التطورات المتسارعة في جنوب اليمن منعطفاً حاسماً في مسار الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد، فسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على مناطق واسعة في حضرموت والمهرة تكشف عن حقيقة باتت واضحة: التحالف المناهض للحوثيين يتآكل من الداخل، وتوازنات القوة داخل اليمن تتبدّل بوتيرة غير مسبوقة، فيما يقترب الجنوب عملياً من حالة انفصال.

وشكل الإغلاق المؤقت للمجال الجوي اليمني، بحسب مسؤول حكومي، “رسالة سعودية” مباشرة إلى المجلس الانتقالي، في محاولة للحد من اندفاعه نحو السيطرة الكاملة على الجنوب.

وعلى الرغم من أن الرياض لم تعترف رسمياً بهذا الإجراء، فإن قدرتها على التحكم بأجواء اليمن منذ 2015 تجعل الرسالة واضحة: المملكة غير مرتاحة لإعادة رسم الجنوب تحت إدارة قوة مدعومة بشكل صريح من أبوظبي.

وبقدر ما يحمل الإغلاق رمزية سياسية، فإنه يكشف عن شرخ عميق يتسع داخل التحالف الذي حمل شعار “استعادة الشرعية”، قبل أن يتحوّل إلى ساحة تنافس على النفوذ والموانئ والمناطق الغنية بالموارد.

النفط والموانئ… معركة السيطرة الفعلية على اليمن الجنوبي

التقدم العسكري الأخير للمجلس الانتقالي لم يكن خطوة مفاجئة، بل نتيجة تخطيط طويل بدأ منذ 2016، حين شرعت الإمارات بتشكيل قوات محلية وتدريب عشرات الآلاف من المقاتلين في عدن ولحج والضالع وحضرموت.

لكن السيطرة على سيئون ووادي حضرموت، بما تحمله من حقول نفط استراتيجية وشركة بترومسيلة – أكبر شركة نفط يمنية – يمثل التحول الأكثر حساسية منذ سيطرة المجلس على عدن في 2019.

فهذه المناطق لم تكن مجرد مواقع عسكرية أو رمزية، بل عصب الموارد وأهم بوابة اقتصادية يمكن أن تجعل من مشروع الدولة الجنوبية واقعاً قابلاً للحياة.

ومن زاوية القوى الإقليمية، فإن السيطرة على حضرموت تمثل تحدياً مباشراً للمملكة العربية السعودية التي طالما اعتبرت المحافظة عمقاً استراتيجياً لنفوذها جنوب حدودها.

التمدد نحو المهرة… قلق عماني وحسابات سعودية

تقدم قوات المجلس نحو محافظة المهرة المحاذية لسلطنة عمان يفتح باباً جديداً من التعقيد.

فالمنطقة تمثل منفذاً برياً حساساً، وتستضيف مجتمعات محلية ترتبط بعمان اجتماعياً واقتصادياً. كما أنها محور تنافس غير معلن بين الرياض وأبوظبي منذ سنوات.

ورفع علم الجنوب على المنفذ الحدودي مع عمان كان رسالة مزدوجة: من جهة، إعلان سياسي عن مشروع دولة جنوبية تمتد حتى حدود السلطنة، ومن جهة أخرى، اختبار لردّ فعل عمان والسعودية معاً تجاه التحرك الإماراتي عبر وكلائها المحليين.

وشكل خروج المظاهرات في عدن وحضرموت والمهرة إشارة إلى أن المجلس الانتقالي يمتلك قوة اجتماعية وحاضنة سياسية لا يمكن تجاهلها.

ومع ذلك، فإن مشهد رفع علم الجنوب وصور عيدروس الزبيدي لا يعكس إجماعاً كاملاً، إذ تخشى بعض القوى الجنوبية من هيمنة طرف واحد على المشهد، ومن أن يؤدي الاندفاع نحو الانفصال إلى صدامات جديدة داخل الجنوب نفسه.

الحكومة اليمنية… شرعية تتآكل ومؤسسات تتراجع

لم تغير دعوة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي للمجلس الانتقالي بالانسحاب الواقع على الأرض. فالحكومة المعترف بها دولياً تبدو أضعف من أي وقت مضى، خصوصاً بعد خسارتها معظم نفوذها العسكري في حضرموت. حتى القصر الرئاسي في عدن، رمز “الشرعية”، أصبح خلال ساعات بيد المجلس الانتقالي.

ورغم الدعم الدبلوماسي الدولي للعليمي، فإن القوى الخارجية لن تنخرط في مواجهة مباشرة مع المجلس الانتقالي — ما يجعل موقف الحكومة أقرب إلى المراهنة الدبلوماسية منه إلى السيطرة الفعلية.

ويرى خبراء — بينهم أحمد ناجي من مجموعة الأزمات الدولية — أن الإمارات خرجت “الرابح الأكبر” من التحولات الأخيرة. فالقوات المدعومة منها أصبحت تسيطر على معظم الجنوب، إضافة إلى نقاط استراتيجية بالغة الأهمية مثل جزيرة ميون في باب المندب وسقطرى.

ورغم تصريحات أبوظبي بأنها تقف “مع السعودية” وتدعم الحل السياسي، فإن الوقائع تشير إلى أن الإمارات تبني نفوذاً طويل الأمد في جنوب اليمن، عبر تشكيل قوات محلية ترتبط بها مباشرة، وبعيدة عن هرم القيادة اليمنية الرسمية.

الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=73249

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى