أخبار الخليج

 اليمن على حافة التقسيم: نفوذ الإمارات جنوباً يُربك حسابات السعودية

أبرز تحليل دولي أن التطورات الميدانية المتسارعة في جنوب اليمن تعكس تحوّلاً عميقاً في موازين القوى، مع تصاعد نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، الأمر الذي يضع السعودية أمام واقع سياسي وأمني بالغ التعقيد داخل الساحة اليمنية.

وبحسب التحليل الصادر عن موقع ذا كونفرسيشن الدولي، فإن رفع قوات تابعة للمجلس الانتقالي أعلامه في محافظتي حضرموت والمهرة مطلع ديسمبر الجاري لا يمكن النظر إليه كخطوة رمزية، بل يمثل مؤشراً واضحاً على انتقال المشروع الانفصالي إلى مرحلة أكثر تقدماً.

فبهذه الخطوة، يكون المجلس الانفصالي قد بسط نفوذه على المحافظات الجنوبية الثماني، مكرساً أمراً واقعاً جديداً يُمهّد عملياً لقيام كيان جنوبي مستقل، في مقابل شمال يخضع لسيطرة جماعة الحوثي المدعومة من إيران.

ويشير التقرير إلى أن هذا المشهد يعمّق مأزق المجلس الرئاسي اليمني، الذي يجد نفسه محاصراً بين سلطة حوثية متماسكة في الشمال، ونفوذ انتقالي متنامٍ في الجنوب، دون أن يمتلك الأدوات السياسية أو العسكرية اللازمة لفرض أجندة وطنية جامعة أو إدارة مرحلة انتقالية مستقرة.

ويستعرض التحليل الخلفيات التاريخية للنزعة الانفصالية في الجنوب، بدءاً من تجربة “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية” قبل تحقيق الوحدة عام 1990، مروراً بحرب 1994 التي انتهت بهزيمة الجنوب، وما تبعها من سياسات إقصاء وتهميش طالت آلاف العسكريين والموظفين الجنوبيين.

وقد أسست هذه التراكمات لظهور “الحراك الجنوبي” في منتصف العقد الأول من الألفية، والذي تطور لاحقاً ليشكّل قاعدة شعبية واسعة للمجلس الانتقالي الجنوبي.

ووفقاً للموقع الأسترالي، جاء تأسيس المجلس الانتقالي عام 2017 ليجمع الفصائل الجنوبية المتفرقة ضمن إطار سياسي وعسكري واحد، مستفيداً من دعم إماراتي مباشر.

فقد رأت أبوظبي في الجنوب اليمني شريكاً موثوقاً يخدم مصالحها الاستراتيجية، سواء من حيث السيطرة على الموانئ الحيوية أو الإشراف على خطوط الملاحة في البحر العربي والبحر الأحمر.

وأسهم هذا الدعم في تمكين المجلس من بناء نفوذ ممتد من عدن إلى مناطق غنية بالنفط والغاز، إضافة إلى حضوره القوي على السواحل اليمنية.

في المقابل، يلفت التحليل إلى أن السعودية، التي قادت التدخل العسكري في اليمن عام 2015 تحت شعار استعادة الدولة اليمنية الموحدة، تجد نفسها اليوم في موقع بالغ الحساسية.

فبينما تمسك الإمارات عملياً بمفاتيح الجنوب عبر حلفائها المحليين، تتحمل الرياض العبء الأكبر في الدفاع عن مشروع الوحدة، في وقت يتراجع فيه نفوذ القوى الموالية لها داخل اليمن.

ويرى التقرير أن إنشاء المجلس الرئاسي في عام 2022، والذي كان يُفترض أن يوحّد الصف المناهض للحوثيين، لم يحقق أهدافه المعلنة. إذ فشل المجلس في التوفيق بين أجندات الشمال والجنوب، ما أضعف شرعيته وأفقده القدرة على لعب دور فاعل في إدارة الصراع أو التفاوض على تسوية شاملة.

ويحذر التحليل من أن استمرار تمدد المجلس الانتقالي الجنوبي قد يسرّع فعلياً سيناريو تقسيم اليمن، وهو سيناريو لا يقتصر خطره على الداخل اليمني فحسب، بل يمتد ليشمل أمن البحر الأحمر والممرات الملاحية الدولية.

كما أن ترسيم حدود واضحة بين شمال وجنوب قد يمنح الحوثيين في الشمال وقتاً ومساحة أكبر لترسيخ سلطتهم وتعزيز موقعهم الإقليمي.

ورغم تمسك السعودية وسلطنة عُمان رسمياً بوحدة اليمن، إلا أن الوقائع الميدانية تجعل هذا الهدف أكثر صعوبة مع مرور الوقت.

فكل محافظة جنوبية جديدة تقع تحت سيطرة المجلس الانتقالي تزيد من احتمالات ولادة دولة جنوبية مدعومة إماراتياً، في مقابل شمال تديره سلطة حوثية راسخة، بينما تتآكل المنطقة الوسطى سياسياً وأمنياً.

ويخلص التحليل إلى أن اليمن بات أقرب إلى واقع “يمنين ونصف”: جنوب تتعزز فيه سلطة مدعومة خارجياً، شمال تسيطر عليه جماعة مسلحة ذات مشروع واضح، ومنطقة ثالثة تفقد تدريجياً قدرتها على الصمود، في ظل اختلال حاد في موازين القوى الإقليمية والمحلية.

الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=73317

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى