المال والأعمال

الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يُبقي على أسعار الفائدة رغم ضغوط ترامب… والانقسامات تتفاقم

أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على أسعار الفائدة دون تغيير، محافظًا على النطاق المستهدف بين 4.25% و4.50%، في خطوة جاءت رغم الضغوط السياسية المتصاعدة من الرئيس دونالد ترامب الداعي إلى خفض تكاليف الاقتراض، وهو ما اعتُبر تحديًا جديدًا لاستقلالية السياسة النقدية في البلاد.

القرار، الذي يمثل الشهر الخامس على التوالي دون تغيير في أسعار الفائدة، يعكس تزايد الحذر داخل البنك المركزي حيال المضي قدمًا في خفض الفائدة وسط استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي، خاصةً مع التوترات التجارية الناتجة عن سياسات ترامب الجمركية.

انقسام نادر داخل الفيدرالي

اللافت في اجتماع هذا الشهر كان الانقسام الواضح داخل لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، حيث صوت محافظان عيّنهما ترامب، هما كريستوفر والر وميشيل بومان، ضد القرار، مطالبين بتخفيض قدره 25 نقطة أساس. وهي المرة الأولى منذ أكثر من عقدين التي يعارض فيها اثنان من أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي قرار الأغلبية، مما يؤشر إلى تصاعد التوتر الداخلي بشأن أولويات المرحلة المقبلة.

وبحسب تصريحات باول، غابت أدريانا كوغلر عن الاجتماع ولم تُدلِ بصوتها، مما زاد من حساسية التصويت وتوازن القوى داخل المجلس.

ترامب يصعّد حملته للضغط

في وقت مبكر من يوم الإعلان، نشر ترامب تغريدة عبر منصة “تروث سوشال” عقب صدور تقرير الناتج المحلي الإجمالي الذي فاق التوقعات، وقال فيها: “الناتج المحلي للربع الثاني بلغ 3%، أفضل بكثير من المتوقع! لا تضخم! خفّضوا الفائدة الآن!”

وطالب ترامب بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار 3 نقاط مئوية دفعة واحدة، مدعيًا أن ذلك سيساهم في تحفيز سوق الإسكان وتقليل عبء الديون الفيدرالية.
كما زار مقر الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي بشكل غير معلن، حيث دخل في مشادة علنية مع جيروم باول، قبل أن يعبّر الأخير في مؤتمر صحفي لاحق عن “تفاؤله بتصريحات ترامب الداعمة لإتمام مشروعات التجديد في المقر بسرعة”.

باول: لا نخضع لضغوط سياسية

في المؤتمر الصحفي الذي أعقب القرار، بدا رئيس الفيدرالي جيروم باول متماسكًا، مؤكدًا أن البنك المركزي لا يأخذ في اعتباره حسابات سياسية أو “الاحتياجات المالية المباشرة للحكومة”. وقال: “لا يوجد بنك مركزي في أي اقتصاد متقدم يتخذ قراراته بناءً على ضغوط سياسية، ولن يكون من الحكمة أن نفعل ذلك”.

أشار باول إلى أن التضخم، وإن كان منخفضًا عن ذروته في 2022، لا يزال يشكل التحدي الأكبر، مبينًا أن تبني سياسة “متشددة” هو السبيل الوحيد لضمان استقرار الأسعار، وفق تفويض البنك المزدوج الذي يجمع بين تحقيق الحد الأقصى من التوظيف واستقرار الأسعار.

التضخم والبطالة على طاولة الحسم

من المتوقع أن يتلقى الاحتياطي الفيدرالي بيانات جديدة هذا الأسبوع بشأن معدلات التضخم والبطالة عن شهر يونيو، وهي مؤشرات حاسمة قبل اجتماع سبتمبر. وبحسب باول، لا يزال البنك “بعيدًا عن تحقيق هدف التضخم البالغ 2%”، رغم التراجع في بعض أسعار السلع.

وأشار محللون إلى أن ارتفاع التعريفات الجمركية على دول مثل الصين، المكسيك وكندا بدأ يؤثر في بعض أسعار السلع الاستهلاكية، مما يعيق اتخاذ قرار حاسم بخفض الفائدة حاليًا.

الأسواق تتفاعل

عقب قرار الفيدرالي، تراجعت توقعات المستثمرين بشأن إمكانية خفض الفائدة في سبتمبر من 63% إلى 54%، وفق بيانات مجموعة CME.
أما الأسواق المالية، فسجلت انخفاضًا محدودًا:

مؤشر داو جونز تراجع بـ 171 نقطة (0.38%)

مؤشر S&P 500 أغلق منخفضًا بنسبة 0.12%

بينما ارتفع ناسداك المركب بنسبة طفيفة بلغت 0.15%

مخاوف من المسار الاقتصادي القادم

يرى خبراء أن “الاختلاف داخل الفيدرالي” يعكس قلقًا داخليًا متزايدًا بشأن تبعات استمرار أسعار الفائدة المرتفعة على سوق العمل والإسكان، خاصة في ظل إشارات إلى تباطؤ التوظيف.

وقالت ميشيل بومان، أحد الأصوات المعارضة للقرار: “الانتظار قد يُلحق ضررًا غير مبرر بسوق العمل، خاصة مع التباطؤ التدريجي في الاستهلاك والطلب”.

وفي المقابل، يبدو أن باول يحاول كسب الوقت، مؤكدًا أن قرارات سبتمبر ستُبنى على بيانات إضافية. ويرى مراقبون أن الوضع السياسي المتوتر، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، سيُضيف مزيدًا من التعقيد إلى مسار السياسة النقدية في الشهور المقبلة.

الرابط المختصر https://gulfnews24.net/?p=72181

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى